الدنيا والبشر!!!


الدنيا منذ عرفتها وهي غريبة بمن فيها، يظل الفرد فيها يبحث عن إرضاءها وإرضاء الناس بكل الوسائل، بتنازل عن شيء يحبه ويميل إليه أو العمل الجاد والشاق من أجل التقرب وكسب الرضا بالمداهنة والكذب والخداع وبيع النفس والذات، ومع ذلك قد لا يُحالف هذا الفرد النجاح وفي الغالب لا يحالفه، فالبشر في مجمله طماع وما يملأ عينه وجوفه إلا التراب فهو لا ينظر أبدا إلا لنفسه وذاته وملء فؤاده حبا وعينه جمالا ونفسه جاها وسلطانا ويتطلع دائما للمزيد من التنازلات، لا يهمه غيره أن بات جوعانا أو عريانا أو حتى في الشارع دون مأوى يأويه ولا هدمة تستر عورته، لا يفكر في دمعة تخرج من عينة في جوف الليل من الألم الذي ألم به من حرمان أو ظلم طاله من أناس لا يعرفون طريق الرحمة ولا ساحة الإنسانية، فكل ما يشغلهم هو البحث عن فريسة يلتهمونها أو غنيمة يقتسمونها، ما يعنيهم آهات المجروحين الذين جرحتهم الدنيا وذبحتهم قلوبا متحجرة بل أقسى من الحجر، فالحجر قد ينبع منه الماء أو يخرج من بينه شجرة تسبح الله ويستظل بها الناس ويستفيدون منها أما هم فيضرون ولا ينفعون، لا يعنيهم استغاثة كل ملهوف فقد حبيبا لديه أو قلة المؤن الحياتية عنده، أو تقلب ابنا له أو أبا أو أخا له على فراش المرض ولا يجد ما يذهب به إلى طبيب ولا أن يأتي له بدواء، فالبيوت بين جدرانها من يأن ويبكي ويصرخ من الجوع والمرض والخوف والظلم ولا سامعا لهم إلا الله الذي بكل تأكيد سينتقم لهؤلاء في يوم من الأيام ويرفع شأنهم ويأويهم هو إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة تلك الحياة الأبدية الخالية من الحقد والغل والحسد والتفاهات، فأقل لكل مكلوم وكل مظلوم لا تقلق طالما الله موجود، وتأكد بأن الله لا يهمل ولكنه يمهل الظالم حتى اذا أخذه لن يفلته، تيقن أنك ستأخذ حقك كاملا حين يأمرك الله بالاقتصاص ممن ظلمك، وأنت ايها الظالم انعم بالحرام واسعد بظلمي وارقص على دمي وأحزاني وجرحي فاليوم لك والغد لي بإذن الله، أما أنت أيتها الحقيرة يا من لا تساوي عند الله جناح بعوضة، لا أعيرك بعد اليوم اهتماما ولا أملأ بك عيني، وأعلمي أن وجودي بكِ رغما عني وليس بيدي، ومن أجل ذلك ومن أجل راحتي سأغمض عيناي كي لا أركِ ولا أرى من فيكِ.
محمد كامل العيادي

Alayadi__2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!