كم احتجت إليك اليوم يا أمي


أمي لو تعلمين كم احتاج إليك اليوم ؟ ما كنتِ تركتينِ وتركتي القلب يبكي والعين بدموعها تحرق كل صورة جميلة احتضنتها رموش عيني، حائرا تائها في دنيا لا تملك إلا بؤسا ولا تعطي إلا هما ونكدا، فإذا واست جرحت، وإذا حضنت شاكت القلب ليظل ينزف من غدرها المسموم ، كما هو حال البشر المبدعون في غرس اسهم الخيانة في ظهورنا  دون رحمة ولا شفقة، ليس فيهم من يعرف معني الحب، يهرولون دون الاكتراث لأحد، ولا سماع لأنين المتعذبون بكي سهام حقدهم .

  أمي لقد احتجت إلى أن تأخذيني  بين يديك ، وبها تمسحين على رأسي وحنانك تقبلين جبيني، وتروي عيناي بإبتسامتك المعهودة عندما تعكس فيها شعاع سنتك الذهبية الجميلة، محارباً بها  متاعب الدنيا وآلامها وحقد من يمشون على أرضها، فهم ليسوا مثلك يا أمي كنتي تعذريني عند خطأي وتوجهينني بعد أن تسامحيني، بل تغفرين لي عند تجاوزي  وتغفرين قبل أن أتوب وتقبلين عذري قبل الاعتذار، فما أعظمك يا أمي وما أعظم حبك الذي أفتقده الآن .

كم أنني أحتاج إليكِ اليوم كي أشكو لكِ همي وأبكي في أحضانك  كثيرا إلى أن أرتاح،  بعد أن تجففين دموعي  بيدك الطاهرة وحضنك الدافيء ، وتهجر الهموم والمتاعب والآلام الشديدة من على كاهلي. أمي الحمل ثقيل ويبدو أن الطريق وعر وطويل، أحتاجك معي فيه كي أتخطي سدوده الطامية ودروبه الوحلة. أمي عندما كنتِ معي كنت أشعر بحلاوة الحياة وجمالها، كنت أراها تتراقص في عيوني وزهورها تفوح في قلبي وعلى اغصان روحي، حتى عندما كانت تغفل عيني وتلتحف برموشها، يأتي إليَّ خيالك عبر روحي ومسمعي ليسري في عروقي حُبك ويشدو في ذكرياتي حنانك،  كيف لا يا أمي وأنتِ كنتِ لا ترتاحين إذا بعدت عن عينيكِ ولا تشبعين إذا كنت جائعا، كان جسدك يشعر بالبرد عندما يبرد جسدي . لا أحد يشعر بآلامي يا أمي كما كنتِ أنتِ تحسين بي دون أن احكي ، وتفرحين  قبل أن أزف إليكِ فرحي، كنتِ يا أمي لا يهدأ لك بال وأنا بعيد عنكِ فلا راحة في نومه ولا طعم في أكلة ولا تذوق في شربة ولا طمأنينة في أي شيء إلا بعودتي .

أُمي إنني أتعذب كلما تذكرت أنني أفتقدتك وأفتقدت كل أحاسيسي معك ، فكل ما أحسه هو حبك ولا يوجد بذاكرتي سوى صورة سنك حينما تتلألأ عند ابتسامتك برؤياي، ولو كان بيدي واختياري لاخترت وجودك للأبد رفيقة دربي يحفني حبك وتفتح لي الأبواب وتذلل لي المصاعب بدعائك، ولكن إرادة المولى عز وجل حالت بيني وبين إرادتي فعزائي أنك بجواره ، وإني راض بما قسمه الله لي رغم احتياجي اليكِ .

محمد العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com



  



تعليقات

  1. الله يرحمك ياماااا ويدخلك جنات من نعيم ويحشريكي مع الانبياء والصدقين

    ردحذف
  2. الله يتغمدها بوافر رحمته ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته يارب

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!