"برنارد لويس" وعلاقته بما يحدث في العالم العربي


أن النظر لأي مشكلة بسطحية في التفكير لا يساعد في أي حل، لذا يجب التمحيص والتدقيق في أصل المشكلة وأسبابها وذلك بدراسة الماضي دراسة جيدة، ثم وضع تصور وحلول لهذه المشكلة بطريقة علمية صحيحة، حتى نغير فكرة التخلف لدى العالم خاصة الغرب بجهلنا وأننا لا نقرأ فضلا عن عدم الفهم.
إن دراسة أي نظام سياسي لمخططات استعمارية يجب أن يكون حسب دراسة لوقائع وأحداث سابقة ووضع توقعات لحدوثها مهما جدا، لإمكانية وضع حلول وضمان نجاح هذه الحلول للتصدي وقطع أي طريق يوصلهم إلى ما يخططون له، وما يحدث الآن في العالم العربي بوجه خاص والعالم الإسلامي بوجه عام لم يولد صدفة ولكن خطة استعمارية مولودة من رحم وثيقة "كامبل" السرية عام 1907، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني  آنذاك "هنري كامبل بنرمان"،  والتي نصت على  وضع سياسة استعمارية خاصة تجاه العالم العربي، والسيطرة على البحر الأبيض المتوسط، حيث أن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار فهو الذي يعمل على ربط الشرق بالغرب وكذلك هو الممر الطبيعي إلى القارة الأفريقية والأسيوية، وليس كذلك فقط بل هو ملتقى طرق العالم ومهد الأديان والحضارات، ويعيش على جوانب البحر الأبيض المتوسط من الشرق والجنوب شعب واحد تتوفر لديه وحدة التاريخ والدين واللسان، لذا يجب أن نعمل جاهدين بوضع جسم غريب في هذه المنطقة تكون بمثابة حاجز بشري قوي يفصل الجزء الإفريقي عن القسم الأسيوي والذي يحول دون تحقيق أي وحدة بين الشعوب العربية، وأن يكون هذا الجسم موالي للغرب ومدعوم منه أيضا.

وعقب الحرب العالمية الأولى 1914 جاء  "برنارد لويس" وهو رجل مستشرق أمريكي الجنسية بريطاني الأصل يهودي الديانة،  مؤسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية، الذي تبناها جيمي كارتر رئيس أمريكا وتكملته لها، والتي من أساسياتها إقامة الفتن بين الشعوب لمقاتلة بعضهم بعضا مثل دفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين، وغزو العراق وأفغانستان.
ووضع "لويس" مخططه بحيث يكون على ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى منها يتم فيها تأسيس دولة لليهود في فلسطين كما جاء في وثيقة "كامبل" السرية،  بعدما تم تقسيم المتبقي من المشرق العربي عقب اتفاقية سايكس بيكو عام 1916.
الجزء الثاني من الخطة تفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية وتفتيتها إلى دويلات عرقية ودينية ومذهبية وطائفية، وهذا ظهر جليا في غذو العراق وإطلاق أيدي ايران والشيعة فيها لخلق الفتن المدمرة.

و"برنارد لويس" كان ينظر للعرب والمسلمين أنهم مفسدون فوضويون، ولا يمكن أن يصلوا إلى مرحلة التحضر فضلا عن الحضارة، ووضع حتمية وجوبية بعدم تركهم هكذا حتى لا يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات، وتقوض المجتمعات، لذا وجب تدمير ثقافتهم الدينية ، وهنا نجد موضوع الهجرة الغير شرعية من صناعة الغرب الذي يسمي نفسه العالم "المتحضر" لتنفيذ المخطط  المنشود، وتشوية الإسلام بنعته بالإرهاب  ليشرعن دخولهم بلادهم والقضاء على الدين والاستعمار الكامل للأرض ومقدراتها، ومحاولة تغيير معتقداتهم بما يخدم مصالح الغرب.
إن التغيير يتم بمسميات فضفاضة مثل تجديد الخطاب الديني وتحديث المناهج وحذف الآيات التي تساعد على العنف وبث الكراهية ونحو ذلك، والعمل على تشتيت فكر الشعوب عن دينهم بالمشاكل الحياتية من زيادة أسعار واختفاء السلع الأساسية من الأسواق وغيرها من الأمور الحياتية الطاحنة، والتي على اثرها تقوم هذه الفئات المطحونة والمتضررة بمحاولة التخلص من الوضع السيء بأعمال قد تكون في الحقيقة هي بداية لنهاية سيئة مخطط لها.
 " برنارد لويس" كان حازم في التعامل مع العرب ويدعو بعدم مراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم، ويجب أن يكون الشعار هو إما أن نخضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع أبدا عند احتلالهم أن تكون مهمتنا التي نعلنها هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية.
أن مخطط "برنارد لويس" هو القيام بالضغط على القيادات الإسلامية دون لين ولا مجاملة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، باستخدام التناقضات العرقية والعصبية والقبلية والطائفية، لذلك وللأسف تم الإيهام بظهور عدو يسمى  "داعش" هذا " اللقيط" الذي به يتم ضرب المعتقد الديني، مع إظهار مشاكل الشيعة مع السنة وتسليط الضوء عليه، وما حدث في الموصل بالعراق بتعذيب السنة واكل أكبادهم ما هو إلا لإشعال الفتن الطائفية وزيادة وتيرة الحروب الأهلية لتسريع الوصول لمبتغاهم.
الجزء الثالث في الخطة تفكيك دول شمال أفريقيا، دولة البربر ودولة النوبة ودولة البوليساريو دولة الأمازيغ دولة المغرب دولة تونس دولة الجزائر، أما مصر فتنقسم إلى دولة إسلامية سنية، دولة مسيحية، دولة للنوبة، دولة للبدو في سيناء، وكذلك يتم تقسيم شبه الجزيرة إلى ثلاث دول هم أولا دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين، ثانيا هي دولة نجد السنية ، وثالثا دولة الحجاز السنية.
أن ما يحدث تحت مسمى الإصلاحات الاقتصادية تداعياته خطيرة ومدمرة، وقوة دفع لانتقال عجلة المخطط القذر من الثبات للدوران.
 فالعالم العربي وخاصة مصر مستهدف بخلق عدم التوازن حتى يأتي عدم الاستقرار فتنعدم النهضة ويسود الركود وتنتشر المجاعات وتزداد حاجة الناس للمياه، وهذا كله كفيل بأن تكون ارض خصبة للخلافات والانقسامات والحروب الأهلية للوصول إلى هدف "برنارد" وغيره من الصهاينة لبدء تقسيم الدول العربية إلى دويلات مهلهلة لا معنى لها ، تقوم على أنقاضها دولة يهود العظمي التي وعد بها الرب.

يجب أن نثق بأن مصر غير معدومة المصادر وكذلك العقول الاقتصادية التي تستطيع أن تقدم حلول شافية لأي مرض اقتصادي، وهذا لم يتم إلا بجمع الفرقاء ونسيان الخلافات والعودة إلى الطريق الصحيح وتحمل مسئولية مصر سويا، لإطفاء اشتعال نار مخطط "برنارد لويس".


محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com





.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!