المرآة!!!


تجاهلت النظر بدقة إلى وجهي بالمرآة طوال فترة ما بعد العقد الرابع حتى لا تذكرني بما أبتعد عنه، لكنها ذات يوم أبهرتني بشكلها فخفت ولكنني نظرت إليها من بعيد حتى لا أقع في الفخ إياه، وأنا كذلك أتحاشى وجهي ألا تقع عليه عيناي حتى رُفعت دون أي رغبة مني بذلك، حينها قلت انتهى الأمر فشدني الفضول إلى النظر بدقة ووعدت نفسي أن أعتبرها المرة الأخيرة، فأول ما وقعت تلك العينان الزائغتان على خصلات الشعر الأبيض التي انتشرت وبكثرة في الرأس حتى استعمرته استعمارا كاملا طاردة الأهل الأصليون، فقلت لنفسي انتهى الأمر وطلبت من العين أن تتدرج إلى الوجه كي أستيقظ من تلك الحلم الجميل الذي تمتعت بفيه بشبابي وعنفوانه والشعر الأسود الذي كان كالحرير، وكذلك الجسم الرياضي والملبس الراقي والنظر للدنيا بأنني الأفضل فيها وتذكرت تلك "القفشات" الشبابية التي كنا نفعلها عندما نجتمع سويا، ثم جاءت النظرة بجوار العينان فرأت تلك التجاعيد التي حادثتني بأشد المعاني وقسوتها فدمعت من تلك التعبيرات فجلست على كرسي بجوار المرآة وفكرت وتذكرت عدد السنوات التي قضيتها فوجدتها عبرة خط الإنذار قد يكون الأخير وقد يكون بعده بقليل ثم يتم فيه الانتقال إلى دار نسأل فيه عما مر من هذه السنون التي مضت دون أن أعي أنني بسرعة سأصل هذا الخط ويبدأ معها الشيب ينتشر والقوة تبدأ في الانهيار ومقاومة الأمراض والأسقام قد قلت، وترك الأحباب هو الأقرب فكل هذه حقائق لا يجب تجاهلها كما كنت أتوقع ببعدي عن المرآة، وأنا كذلك في العراك النفسي تساقطت الدموع التي غسلتني من الأوهام التي كنت أعيشها وأيقظتني من سبات عميق فلملمت شعوري باليأس وقمت القيت جسدي المنهار على سريري الذي كنت أنعم به بالأمس وفضفضت لقلمي الذي ساعدني في ترجمة شعوري ارتاحت بعدها النفس وسألت ما هي الغطة البعدية للخروج من هذا المأزق الذي ابعدني عن العبادة وقراءة القرآن وانشغلت بالدنيا بما فيها من تحديثات تكنولوجية وشبكات عنكبوتية التي سرق مني وقت ليس بقليل ولم أحس به ولا أدري ما هو قابل سيكون مثل ما مضى أم أقل بكثير وأنا أعتقد أن من المستحيل أن يكون ما بقي مثل ما مضى إلا اذا أراد الله أمرا به حكمة، أخشى أن تكون هذه ساعة صدق وتذهب وأعود إلى الطريق الذي أبكاني ،
 اسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا
محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!