أمي !

لا شك أن الحياة ليس لها معنى إلا بصديق ورفيق يحمل عنك الهموم ويمسح رأسك عند الضيق ويفرح لفرحك ويحزن اذا حزنت، يكون غطاءك من البرد ويقيك منه بقربه منك بقلب يحميك وحضن يدفئك وإحساسك الذي تحس به فلا ينام إلا إذا نمت ولا يشعر بالراحة وأنت تتألم ولا يرتاح إلا إذا ارتحت، فهو أخ وقت احتياجك لأخ وصديق عندما تشعر بانك محتاج لصديق ومعك إن أردت لأحد يسمعك ورفيق في الدروب الوعرة، هذا كله وجدته بكِ يا أمي ولن أجده في أحد ولا يوجد إلا بكِ يا أمي، فأنتِ يا أمي معنى ليس له مرادف في الدنيا كلها ولا شبيه وحقيقة لا ريب فيها، أنتِ نور يضيء جنبات وقلوب الدجى لا مراء فيه، أنتِ حنان ليس له مثيل تعطي الحب دون أي مقابل تتعبين لنرتاح وتسهرين لننام وتحرمين نفسك من كل ملذات الحياة من أجلنا ، بسمة من قلوبنا تكفيك بل وتعتبرينها إرث عظيم، كنتِ تعتبرين فيض مشاعرنا هو زاد لأيامك، وضحكتنا زاد من جوع  دائما كنتِ لا تريدين أي شيء سوى أن ترينا في سعادة غامرة وراحة أبدية وغنى عن الحاجه للبشر فكنتِ تَعِين معنى ذلك جيدا وما يحمله من ذُل قبيح، كنت في غاية السعادة لا يهمني اليوم ولا الغد وأنتِ جواري، كنت لا أخاف وأنا أنظر بعينيك إلى أن جاءت اللحظة التي حُكم علينا فيها بالفراق ليس فراق وقتي ولكنه فراق أبدي مؤلم ، حكم عليَّ بالوحدة بعدما كانت تؤنسيني ببسمتك وتحيطني روحك ، يبدو أن الدنيا استكثرت هذا ولم تُمهلنا كثيرا حتى نقتبس منك الكثير ونتعلم منكِ أكثر وأكثر بعدما تعلمنا منكِ الإيثار تعلمنا منكِ الكرم وبذل النفس من أجل الغير، فجاء القدر ونحن في أشد الحاجه إليكِ وإلى الري منكِ فما زلنا عطشى ويبدو بأن القدر قد حكم علينا بالموت كذلك، بعدما حرمنا من نظرة تروينا من الظمأ وتدفئنا من البرد وتأوينا من العراء وتمدنا بمقومات الحياة التي تساعدنا على الوصول لبر الأمان دون أن نغرق في دوامتها القاتلة، أمي أنا الأن بحاجة إليكِ أحتاج أن أحكي لكِ عما بداخلي ، أحتاجك أن ترفعي ما فوقي من هموم وتزيلي ذاك الجبل الكبير من على رأسي، فلن أثق إلا بكِ ولا اسمع إلا لكِ تذكرين عندما كنت اكتم بداخلي همومي ودموعي كنتِ تشعرين بي وتقرأ ما بداخلي دون أن أبديه لكِ، فاليوم في ذكراكِ أدعو لكِ أن يشملك  برحمته وأن يسكنك فسيح جناته وأن يصبرني على فراقك الصعب الذي أعاني من آلامه كل وقت، وسأترك همومي داخلي إلى أن نلتقي يا من ملأتي القلب والروح

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com