التعليم ومافيا الدروس الخصوصية!


الدروس الخصوصية وباء كإنفلونزا الطيور، وكورونا، تُعدي بمجرد الاقتراب من الموبوء والعطاس في الوجه، وكذلك ما هي إلا تجارة كتجارة المخدرات لا أخلاق ولا دين فيمن يتاجر بها ، ومافيا مثلها بالضبط ، لها أسس وأحكام غير أخلاقية يتبعونها وهي تخريب العقول وخراب البيوت ، أي لا يهم التاجر " المدرس " أن يفهم الطالب من عدمه كل ما يهمه التسجيل عنده في الوكر، فلا هو يشرح في المدرسة ولا حتى في وكره الذي يجمع فيه المدمنين " الطلبة " الذين يدمنون الدروس الخصوصية  هؤلاء الذين ألغوا عقولهم وسلموا مقدرات أهاليهم إلى المدرس، معتقدين أن من يتعاطى هذا الصنف يحصل على أعلى الدرجات، دون عناء ومجهود يقوم به في المنزل للمذاكرة وتحصيل المادة العلمية التي لو حصل عليها بنفسه ما نساها أبدا، فلا أحد يتكلم عن تطوير تعليم قبل القضاء على هذه الظاهرة السيئة، التي بها للأسف نخلق جيل فارغ أجوف لا يعتمد على نفسه أبدا، جيل عديم المسئولية حرص منذ الصغر على كسب الشيء دون مجهود، وعلى رأي المثل " من جاء بسهولة ضاع بسهولة"، وها نحن نرى كثير من خريجي الجامعات لا يعرفون القراءة الجيدة ، ولو قمنا بإملائهم نص يخرجون منه كثيرو الأخطاء . 
إن لكل عمل قواعده والالتزام به واجب بل من الضروريات التي أراها ملزمة بل فرض عين على كل عامل، طالما أن هذا يخص مستقبل دولة وكذلك مصدر قوت إنسان هو وأسرته وفوق هذا كله أمانة في عنقه  هذا يكون لأي عمل فما بالنا لو كان هذا الأمر يرتبط بالتعليم ومستقبل أمة تحتاج إلى علماء وأطباء ومهندسون على درجة عالية من الكفاءة، فيكون الالتزام بقواعده مضاعف والاهتمام بتطويره واجب ومن الضروريات الملزمة، وأي تهاون بذلك يعرض المتهاون للقانون ويحاسب حساب عسير لأن الإخلال بذلك مساس للأمن القومي، وتعتبر جريمة نكراء أخطر من الجاسوسية والإرهاب، تتسبب في تراجع هيبة الدولة أمام ما تسببه من فوضى وضياع الانضباط والسلوك، ليحل محلها الانحطاط والفوضى الأخلاقية.
ما يحدث من عصابة مافيا الدروس الخصوصية وسماسرته المنشورون بالمدارس الخاصة التي تستنزف جيوب الآباء الذين قطعوا من أقواتهم لتسجيل أبناءهم في مدارس خاصة من أجل تخريج الطالب بمستوى جيد، والبعد عن المدارس الحكومية من اجل الهروب من الدروس الخصوصية ، لكن ما حدث هذا، وكيف يحدث والمدرس أصلا واضع استراتيجية للدروس خارج المدرسة من البداية، بقيامه بتضييع الوقت داخل الفصل أو الشرح بطريقة لا يستوعبها الطالب حتى لا تكون عنده محصلة فيضطر بالهرولة للتسجيل معه خارج المدرسة، وهنا تبدأ المشاكل الفعلية وهي ضياع الوقت، ومعها لا يستطيع الطالب الوفاء بواجباته  ودروسه المدرسية ولا متابعة مذاكرة ما أخذة بالدرس الخصوصي، فكيف يتابع وهو يخرج من المدرسة الثانية عصرا واصلا المنزل بعد دورة الباص المرهقة الساعة الثالثة أو الثالثة والنصف عصرا، يقوم بتناول وجبة الغذاء ثم يذهب إلى الدروس والذي يعود بعد الثامنة مساءً، فمتى يذاكر ويتابع وإن حاول فلا أعتقد أنه سيحصل معلومة مفيدة.

إن هذا عبث لا بد من وقفة صادقة وحاسمة معه قبل ضياع الوقت وفوات الأوان الذي معه تندثر أخلاقيات أجيال نحن بحاجة لها، الذي منهم سيكون على سدة الحكم أو مسئول عن إنتاج أو مدير مصنع أو صاحب قرار يترتب عليه مستقبل أمة، وكذلك سيكون منه المدرس الذي بكل تأكيد سيسير على نفس الدرب فمن شاب على شيء شاب عليه، فكيف نأمن على بلدنا من هؤلاء العابثون في مقدراتها وهي عقول أبناءها، لذلك لا بد أن يكون هناك جهاز رقابي صارم والكسب غير المشروع هو جزاء من يخالف ذلك، فأبناءنا هم الأهم لنا ولوطننا الغالي الذي كلنا نعمل من أجل رقيه، وكما قال احمد شوقي

" إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه .. فقوّم النفس بالأخلاق تستقم

 إذا أصيب القوم في أخلاقهم .. فأقم عليهم مأتماً وعويلا "

دام هذا الوطن خال من مافيا الدروس الخصوصية وعديمي الضمير، قبل أن نقم مأتما وعويلا.


محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!