عندما يبكي الرجال !



مشكلات الحياة لم تترك لكبرياء الرجال مكاناً ولا إمكانا يستطيعون معه منع دموعهم، وعندما يبكي الرجال فلا بد أن يكون الأمر جللا، فهل جربت الحاجه ومرارتها قبل ذلك؟ هل جربت أن ترى أحدا من عائلتك يتألم من المرض وأنت لا تستطيع فعل شيء غير البكاء؟ هل جربت أن ترى عزيزا عليك يموت أمام عينيك وأنت عاجزا على مساعدته؟ هل جربت ذهابك للصيدلية لصرف الروشتة وأنت لا تملك ثمنها؟ هل جربت حينها وانت تلملم حسرتك على نفسك بين أعين الناس؟ هل جاء عليك وقت وذهبت بإبنك إلى المستشفى ورفضت استقبالة قبل أن تضع تأمين مادي قبل أن يدخل وأنت لا تملك هذا المبلغ؟ هل تعرضت قبل ذلك لموقف بيع "عفش " البيت لسد حاجتك؟ هل جاء عليك يوما ونمت فيه أنت وأهل بيتك دون أن يدخل جوفك طعام طيلة النهار؟.
من أصعب المواقف عند أي رجل، لحظة هطول الدموع كالمطر من عينيه، ولا يستطيع التحكم فيها، وأن تكون مستباحة لعيون الناس، المُحب والكاره، والمُشفق والشامت، القريب منهم والغريب، حين إذ تكون دموع حارقة تحرق كل شيء داخله، كبريائه وكرامته ورجولته، حتى إحساسه بالحياة برمتها، العجزه إيقاف الدموع أو مداراتها، هو نفس الاحساس بالعجز على توفير مُسببات انهمار تلك الدموع، قد يختلف الوضع من شخص لآخر، فهناك من يرى أن الدموع عادية للتنفيس عن النفس وليست حكرا على النساء والضعفاء، ومن الرجال من يرى الدموع إنها بمثاية زلزال مُدمر لرجولته وعنفوان شخصيته، لكن مع الاختلاف تبقى حتمية انهيار جسور العيون أمام الفيضان العظيم الذي يفيض من العين عند تعرض الرجال إلى موقف جلل. 
من الصعب تصديق ألا يجد فرد من افراد المجتمع قوت يومه، أو عدم حصوله على عمل يقتات منه، أو على مستوى معيشي آدمي من تعليم وصحة وغيره من الضروريات، في ظل حكومة من المُفترض أنها تعمل على راحة هذا الشعب، فلا يُعقل أن يكون المنظور كله منظور أمني فقط ، نعم لا أحد ينكر أن الأمن ضرورة يجب توفيره، ولكن في نفس الوقت ليس هو جُل الضروريات، وتوفيره لم يكن هبة بل واجب وفرض على الدولة للمواطن، وكما أن الأمن ضرورة فتوفير العلاج المناسب للناس من أعظم الضرورات، وهنا نتساءل لماذا لم يتم دراسة الملف الصحي دراسة علمية وحلها؟! فمنذ قرون والشعب المصري يعاني من الامراض المتوطنة بداية من الطاعون الذي كان يودي بحياة حوالي 2% من السكان.
 إن سوء الامور الحياتية وانتشار الجهل تفشت أمراض اخرى مثل مرض الانيميا المزمنة والدرن، وحديثا مرض الكبد الوبائي، مع عجز تقديم الدولة أي شيء لمحاربة هذه الأوبئة المتوطنة، والذي أدى إلى فقد الشعب الثقة في الدولة ومؤسساتها التي فضلت الاستسلام للواقع المرير واكتفت بمشاهدة المرض يحصد ارواح الناس ولم تحاول تطوير المنظومة الصحية، وللحق أن " محمد علي" هو أول من وضع خطة للتطوير للسيطرة على انتشار الأوبئة، بإقامة أول مدرسة حديثة للطب على النموذج الغربي عام 1828، وكان يهدف بذلك الاعتماد على الكادر الطبي المصري دون الاحتياج لاطباء اجانب، والحد من نسبة الوفيات بسبب الأمراض المتوطنة، كذلك تم القيام بتقديم رعاية صحية للأمهات والاطفال بواسطة كادر مدرب تدريبا جديدا من النساء، فلماذا لم تنتهج الحكومة نهج " محمد علي " وتقوم الان بتطوير الصحة ؟! ولماذا لم يتم تطوير المستشفيات العامة لتضاهي المستشفيات الخاصة في الخدمات؟!.
 لو تم فرض عشرة جنيهات على كل فرد لتطوير الستشفيات العامة، لجمعت الحكومة ما يقرب من مليار جنيه، وهذا كفيل بتطوير قدر كبير من المستشفيات، ولو سرنا على هذا النهج لتم تطوير جميع مستشفيات مصر، واستفادت الحكومة وكذلك الشعب، وحتى يتم هذا لا بد من عودة الثقة بين الشعب والمؤسسات، ويتم تطوير كل شيء تباعاً، مع الايمان بأن البنية التحتية هي مسئولية الحكومات، لكن لأن البلاد تمر بظروف اقتصادية صعبة، اقترحنا ما ذكرناه آنفا فلا يمنع من مشاركة الشعب ووضع يده في يد الحكومة، بشرط أن نتعامل مع الملفات بشفافية وأن تكون الأمور واضحة أمام الناس.

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!