الزيادة السكانية والمعضلة في التفكير!


بقلم / محمد كامل العيادي
متى تكون الزيادة السكانية نقمة ومعضلة؟، وهل يمكن استخدام هذه الزيادة في التنمية الاقتصادية؟، هل الحرية والعدالة الاجتماعية لهم تأثير على النمو والتنمية؟، تكون الزيادة السكانية معضلة حقيقة عندما لم يتواجد من يستغلها ويقوم بتوظيفها توظيفا صحيحا، بتدريبهم واعطائهم الحرية في التفكير والابتكار وهذا لم ينضج ثمرته بكل تأكيد إلا بعد الحرية والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير كافلا لهم ذلك الدستور.
 لا شك أن النمو الاقتصادي من أهم الأهداف التي تتطلع لها أي حكومة لتحسين المستوى المعيشي لمجتمعهم، وإذا نجت فيه يعتبر مؤشراً قويا لرخاء الدولة، ولا يتم ذلك إلا بحكم راشد  صالح، ومشاركة مجتمعية، والاهتمام بالبحث العلمي، وكذلك الاهتمام بالصحة والتعليم، وعدم التقدير السيء للزيادة السكانية بوضعها حائل بين التنمية والدولة، وقبل أن نلقي الضوء على الزيادة السكانية في مصر، يجب أن ندرس كيف  استخدمت الصين والهند الموارد البشرية في التنمية، وماذا لو استخدمت مصر مواردها البشرية كما استخدمتها الصين والهند.
تشكل الصين 18,75% من إجمالي عدد سكان العالم، بنسبة نمو سكاني لعام 2016 م، 0.43%  أي أن عدد سكانها تقريبا 1,373,541,278 ، وبها نسبة الفرد الفقير الذي يعيش بأقل من دولار يوميا، 634 مليون نسمة في عام 1981م، ، والذي قل نسبته إلى 373 مليون نسمة في عام 1990م، و 128 مليون فقير عام 2004م، وهذا لسبب بسيط أن الصين عملت برؤية مختلفة ومخالفة عن الرؤية الغربية ببلورة استراتيجية وطنية وإعطاءها الأولوية لضمان النجاح وعدم التبعية للغير، وعملت جاهدة بعدم  التركيز على الأولويات التي تعمل على إزالة العقبات أمام دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى الصين، ليتدرج النمو الاقتصادي منذ عام 1978م، بنسبة 9%، ثم عام 1992م، تزيد النسبة إلى 12,8%، وإجمالا قد حقق الصين نموا اقتصاديا بنسبة 9,8%، من عام 1983م، إلى 2003م، ونافست الصين الدول الصناعية المنافسة لتصبح  رابع اكبر اقتصاد في العالم عام 2016م، رغم التزايد السكان الكبير، التي لم تجعله عائق بل استخدمته ووظفته احسن استخدام وذلك بعدالة توزيع الدخل ومحاربة الفقر، بحصولهم على فرص عمل وكسب العيش بكرامة لضمان الحد الأدنى من حياة كريمة وبعيدة عن العوز والفقر، بل قاموا بدعم السلع والخدمات الاجتماعية، وكذلك ضبط العلاقة بين الفقراء والأغنياء، ومحاربة الفساد  وإقالة كل من تثبت إدانته وفعلا قد تم إقالة عدد كبير من المسئولين ومحاسبتهم، ومنعت أي احد ينتمي للإدارة الحكومية والمؤسسات العسكرية بالقيام بأي أنشطة تجارية، وبذلك تم عدم تزاوج المصالح بين رجال الأعمال والبيروقراطيين،  لقطع الطريق أمام أي تربح لهم باستغلال أماكنهم ووظائفهم، و  مما جعلها تسبق بلدان كثيرة في التنمية.


الهند نموذج آخر لقاطرات التنمية ومستخدمي الموارد البشرية استخداما إيجابيا وجعلها المحرك الأساسي لقطار التنمية والنمو، والتي يبلغ عدد سكانها 1,266,883,598 نسمة، وقد وصل في عام 1991م، الذين يعيشون تحت خط الفقر 330 مليون فرد، ولم يثنيهم ذلك على التنمية ومعها عمل دستورا قويا،  فيه الشعب هو صاحب السيادة ومصدر الشرعية، مما جعل تجربتهم فريدة في تحقيق تطورا كبيرا في التنمية، وقوة اقتصادية عالمية، منافسة في كل المجالات، سياسيا، اقتصاديا، عسكريا، ونوويا، وهذا يعود على نجاح المسئولين في الدولة  نجاحا باهرا في استغلال الزيادة السكانية استغلالا إيجابيا، وقدرتهم على إنتاج كوادر بشرية مؤهلة من المهندسين والأطباء والتكنولوجيين والعلماء، تم الاعتماد عليهم في بناء اقتصادا قويا، واستطاعوا النجاح في الانتقال من سياسة الانكماش والانعزال الاقتصاديين إلى سياسة الانفتاح على العالم، بتوظيف الاستثمار الأجنبي توظيفا جيدا في  تطوير اقتصاد بلادهم، وربط علاقات وطيدة مع معظم الدول.

يجب ألا تثنينا الزيادة السكانية في مصر بعدما أصبح 104 مليون نسمة في عام 2017، عن التنمية والتقدم، بل يجب التغلب على ذلك بالعمل الدؤوب، وتقليل نسبة الفقر التي وصلت حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الى 27.8% عام 2015م،  بعد أن كانت 16.7% عام 1999/2000م، وذلك بسبب زيادة اسعار المواد الغائية، فلا يمكن الاستفادة من الزيادة السكانية وتحويلها من عبء إلى ثروة في تحقيق التنمية إلا بخطة اقتصادية شاملة واشراك صاحبي الخبرات من الشعب ، كما فعلت الهند التي كان بها فردان من كل خمسة افراد يعيش تحت خط الفقر، التي لم يثنيها ذلك عن التنمية.
نستخلص أن الزيادة السكانية والفقر لا يمنع التقدم والتنمية إلا اذا تم الاستسلام له، وعدم استخدامها استخداما علميا، والسماح له بالمشاركة في تقديم الحلول، أما دون ذلك سيكون التعداد نقمة وكارثة عظيمة، وبركان حارقا وزلزالا مدمرا.
Alayadi_2100@yahoo.com




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!