مدمن الهوى يَرِد العثرات !


كلما نهضت من عثرة محاولا بعدها لملمة جروحي وآهاتي، اقع في عثرة أخرى، بعدما زين لي لحن قولك حسنا لأمتطيه وكلي أمل بغدٍ يحملني لسماء يتلألأ فيها كوكبا دري أصافحه  مقتبساً منه نوراً ، يمحو أسى قلبي وقلوب من لاكته طواحين النفاق بمسمى الود. أن الألم يعتصرني وأنا أعترف بسوء تقديري بظني كما ظن كل من ورد حوضك، أن السعادة في رؤيتك ومجالستك وأن الكون سيغني وتتراقص الأزهار فرحا معه، وتتمايل أغصان الأشجار سعادة، والطيور تغرد على لحن قلبي بصوت قلبك، وتردد أعيننا نظرات لتمطر حبا تروي الكون آمالا، ورموشها تحجب  الأحباب من أشعة الأحقاد، وأجلس متكئا على خديك لأسمع نشيد الحب من قلبك ملتحفا به من صقيع العِدا، كان إحساسي لك شجرة مثمرة لا يجف حنانها ولا تنقطع ثمارها ولا يعرف الخريف طريقا لها، فعطائها لا ينتهي رغم مصارعتها تقلباتك وضبابية جوك وغروب شمسك خلف سحابها الكثيف الملبد بالغيوم بسواده القاتم.
كذبت احساسي وتحذيرات عقلي، حتى صرت أسيراً لديك بسيري إليك، وكنت على أمل أن يشرق صفاءك وينجلي سواد قلبك وتُرفع من طريقي العقبات والمنغصات، لكن يبدو أن الأمل قد أفل وانتهى، ليستبين لي أنني ما تعلمت من عثرات تعرضت لها كثيرا جراء حديثك المعسول لأنهض من عثرة إلى عثرة أكبر، نادباً حظي ثائرة أعضائي، وتذكرني عن كل مرة حذرتني فيها لأخذ الحيطة والحذر في المرات القادمة وألا انساق خلف سراب ليس له اصل، لكن ثقتي بك جعلتني أتجاهل كل مساوءك وكل ألمٍ طالني منك من قبل،  وهذه هي النتيجة إعادة انزلاقي في عثرة أعمق،  وكأن وارد العثرات عليها أدمن.
كثيرا منا يثق في بعض البشر لدرجة أننا نسلم له حياتنا وما يلفظ من قول من بين فكيه فهو من المسلمات التي لا بد أن نؤمن بها ونسلم بصدقها، لذلك نجد أنفسنا في وقت من الأوقات وصلنا إلى سد منيع بيننا وبين اتفاقنا منتجا ما لا يُحمد عقباه، مترتباً عليه مقاطعة وقطيعة أبدية، لذا الوضوح في المعاملات كلما كان واضحا جليا يستريح الجميع، وتصبح الأرض خصبة ينبت فيها الود وليس الكره والضغائن والأحقاد، معروف لدى الجميع أن إظهار الود باطنه المصلحة والفائدة شيء فظيع وغير مقبول ولا يورث إلا كل ما ذكرناه سلفاً، والذي يجيد المراوغة لا يجيد الود، وزارع الشوك لا يجني غيره.


ليس هذه دعوة بعدم الثقة في كل من يبدي لك زخرف القول مقدما لك احسنه، قدر ما هي دعوة إلى التريث وتغليب العقل على القلب، كي لا يأتي يوما نفقدهما معا، فالقلب معروف عنه دائما تأخذه العاطفة ويثق في كل قولا أو عملا حتى ولو كان باطنهما سوءً، حتى لا نقتاد إلى عثرة قد لا نستطيع النهوض منها، واذا خرجنا فنخرج مشلولي الفكر والعاطفة، وحرق كل جسور الأمال التي تحملنا إلى بر الأمان وأرض الاحلام المزروعة بالحب والود والاخلاص، إلى واد بين صخور ملتهبة من نار الندم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!