رجال اليوم ليسوا رجال الأمس

إن ما يحدث هذه الأيام في مصر المحروسة غير مفهوم أبدا ويحتاج إلى تفسير، فما حدث مثلا  مع الدكتور صفوت حجازي من مهازل في ميدان التحرير شيء لا يليق برجل قدم الكثير والكثير والكل يشهد له بذلك ويشهد أيضا بولائه لمصر وثوار مصر ،وقد واجه الكثير من المتاعب من أجل نجاح هذه الثورة  وكان أحد الأركان التي قامت عليها هذه الثورة العظيمة ،ووضع روحه على كفيه هدية لاستقلال مصر وحرية العباد من الظلم الذي كان منتشرا في البلاد كالمرض الخبيث في جسد المريض . ولكن الله لم يكتب له الشهادة في الميدان  حاله حال مخلصين كثيرين من الشعب العظيم ، هذا الرجل ظل يدافع ويساند شباب الثورة ليس ليقال عنه إنه  كذا وكذا أو لاختياره عضو ائتلاف الثورة ولكنها رسالة يؤمن بها  وأمانة سيُسأل عنها يوم القيامة ، فما حدث  من إساءة ما هو إلا من شلة منتفعة لا تريد إلا خلق الفتنة بين الناس فهم يعرفون أن الدكتور صفوت له أنصار ومحبون ولا يقفون متفرجين عندما يرونه يتعرض للإيذاء فيحاولون الدفاع عنه فيشتبك معهم  أنصار المنتفع الذي يريدها ناراً من اجل مصلحته الشخصية فقط أملا منه في رجوع النظام البائد الظالم المستبد ، وهذا كان واضحاً جلياً في الميدان ولا يليق بثوار تعلم العالم  على أيديهم الكثير والكثير من المبادئ المصرية الأصيلة مبينين الوجه المشرق الحقيقي لمصر وأهلها ،فهنا يخطر ببالي سؤال مهم .هل هؤلاء الرجال  هم رجال الأمس ؟ أم الأمر اختلف واختلط الحابل بالنابل وكثر المنتفعون والمخربون أيضا الذين لا يريدون الخير لهذا البلد، فإني أرى أن صيت بعض الناس  بقدرة قادر قد سما في سماء التحرير هذه الأيام ،وسأتطفل و اسأل هؤلاء وليسمحوا لي بذلك .أين كنتم أيام الثورة المباركة ؟فلم نسمع عن أحد منكم قط وكنتم في سُبات رهيب وصمت مخيف ،لماذا خرجتم اليوم من مخابئكم وانطلقت ألسنتكم  المليئة بالسم القاتل وظهرت أموالكم التي هي أموال الشعب أصلا؟ هل لاطمئنانكم بالحرية السائدة ،أم لتوجهوها ضد أبنائكم وأهلكم ومن كان له الفضل في ذلك النصر العظيم على الطغاة،أم تنتقمون منهم لأنهم كانوا السبب في تحرير الناس ، إن ما يحدث شيء مخيف ومقلق جدا بتخبطهم في كل شيء ووقوفهم ضد أي أمل لإصلاح مصر. ومن الأشياء الخطيرة وضع المجلس العسكري هدفا لهم بل من أهم الأهداف لإشاعة الفوضى العارمة التي تؤخر ولا تقدم أبدا فبدأوا يشككون في نواياهم في الاستقرار والإصلاح  وأنهم امتداد للنظام السابق،رسموا مخططهم لانقلاب الشعب عليهم وإثارة الفتنة بين الجيش والشعب ، فتارة يقولون الجيش متساهل وتارة أخرى يقولون متباطئ ، وهذه إشارات نسمعها من الخارج وهذا بالتأكيد  ليس تشكيكاً في أحد فالكل يحب بلده ،لكن قد يُساء فهم ما يقال ،فمثلا كتب الكاتب البريطاني المشهور(فيسك)  في صحيفة الإندبندنت أن هناك خطأ كبيراً في الثورة المصرية  إذ لا يوجد لها قائد وهناك تخبط شديد ومغازلة المجلس العسكري الإسلاميين من السلفيين والإخوان بينما يتجاهل الليبراليون والفقراء الذين أسقطوا مبارك ، فهذا كلام هراء ولا يقدم إلى الأمام ولكني أراه وقيعة كبيرة من وجهة نظري وقد أكون مخطإ ،وقال أيضا إن من يتواجد و يتحدث في الميدان  هم فقط عن الناصريين والعلمانيين وحقوق المسيحيين المدنية وغياب الإخوان والسلفيين أي يريدهم أيضا معتصمين وتقف عجلة الاقتصاد بالمرة ،كما شكك  أيضا في قدرة الجيش على محاكمة مبارك ،ومحاكمة أولاده والمحاكمات الأخرى إلا بعد أن يموت وهذا يعني أن مبارك مازال يحكم البلاد ،  فالجيش ولو كان عنده أخطاء فالكل يخطئ ويصيب وهذا ليس بعيب أبدا وأنا لا أدافع عن المجلس العسكري وأتحفظ على خلافي معه وعدم رضائي على بعض أفعاله ولكن ليس وقت اختلاف ، فالبلاد تمر بمرحلة انتقالية لا بد من تفهمها والتعايش معها حتى ترسوالسفينة على بر الأمان ، ولكن هؤلاء المنتفعين لا يريدون للبلاد أن تستقر أبدً،يريدون أن تكون تائهة في بحر متلاطمة أمواجه حتى تأخذها موجة عاتية فتغرق ويغرق معها كل شيء جميل ،يغرق كل حلم رُسم على أرضها وتمحى كل ابتسامة جميلة والدماء التي روت أرضها تذهب سدى ، فلا يحلمون بأن السفينة ستغرق فالشعب يعي هذه الألاعيب القذرة التي تودي بالبلاد إلى الهاوية ، فالشعب الواعي يعي بأن استقرار البلاد يسبب لبعض المنتفعين عدم استقرار وانقطاع (السبوبة ) بعد تعودهم الفوضى واستعباد الناس فلا يريدون  العدالة الاجتماعي والمساواة بين الناس . وأيضا نرى محاولاتهم التي لا تنتهي بالوقيعة بين الإخوان والشعب فمرة يقولون إن الإخوان متواطئون مع المجلس العسكري ، ومرات عديدة يقولون بإنهم ضد رغبة الثوار عند رفضهم دعوات كثيرة لمليونية يدعون إليها ، فإني أرى بأن الإخوان محقون في ذلك فحنكتهم السياسية وخبرتهم الميدانية تجعلهم يدركون أن الدعوة لها معنى أم لا ، فمثلا عند الدعوة لمليونية في 8 يوليو رفض الإخوان لأنهم رأوا إشكالية في الدعوة المقامة على الدستور أولا ، وعندما تجاوزوا هذا الخلاف وجعلوا الشعار للجميع الثورة أولا شاركوا  فيها وأيضا لم يسلموا من الانتقادات ،وهذا فكرني بجحا وابنه عندما ركب جحا الحمار وابنه ظل ماشياً فقالوا أرأيتم الرجل الذي ليس لديه رحمة  ركب وترك ابنه يمشي فنزل من على حماره وركب ابنه فقالوا أرأيتم الولد غير مؤدب فكيف يجعل أباه يمشي وهو يركب فركب الاثنان فقالوا أرأيتم الافتراء يركب الاثنان على الحمار ،ألا توجد رحمة فنزل الاثنان ومشيا فقالوا أرأيتم يمشيان ومعهما حمارهما ، أي ليس عندي غير النقد ،يا أيها الشعب الأصيل أيها الثوار العظماء لا تسمعوا لمثيري الفتن ولا تغرنكم أجسادهم ولا أموالهم فهم غثاء كغثاء السيل هم كذرات الغبار تصيب الأعين والصدور بالأمراض ولا تنفع ولا تسمن ولا تغني من جوع . عاشت مصرعاش أهلها أحراراً حفظ الله أرضها وبارك في كل مخلص لهذا الوطن وأن ينتقم الله من كل خائن عميل يريد أذى لهذا الكيان الغالي الذي نفديه بأنفسنا وأولادنا وبكل ما يعز علينا !

                                                          محمد العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com                                             

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!