وقعت النقاط من فوق الحروف!


وقعت النقاط من فوق الحروف فضاع معناها ، وأصبحت لا قيمة لها بين كلمات تزينها النقاط ، لا فرق فيها بين قال ومال ، ولا بين رجل ورحل ، ولا  بين جالس وواقف ، ومستيقظ ونائم ، ولا بين فاهم وغير فاهم ، ضاع العالم مع الجاهل ، راحت الحقيقة تحت أقدام الافتراءات والكذب والضغائن ، رحل الإخلاص وساد النفاق ، كل جميل ذهب جماله ، وكل نهر للحب جف ماؤه ، أصبحت الدنيا كل ما فيها مجهول ، الصديق الذي كنا نعرف صدقه تاه ، والإخلاص الذي كنا نستظل به اجتثت جذوره ، ونبت الشر مكانه في العقول وانتشر في القلوب ، حتى الحب الذي كنا نسير بنوره انطفأ ، وطريق أهدافنا قد قُطع ، صرنا كشجرة تعرت من أوراقها ، فظهر سوؤها عن باقي الأشجار ، والأرض تشققت وتصدعت ، تغير كل شيء عما كان عليه ، أين سؤال الجار عن جاره الآن ، أين حق الضعيف ؟ أين المودة والحب والوئام بين الناس ؟ لقد ضاع  ، بعد أن تاه كل معنى بسقوط نقاطه من حروف الكلمات ، تحول الفم إلى مصدر سموم تلوث الأجواء ، واللسان سياط يجلد بها الناس ، والعين التي كانت ترى الجميل وتُعرض عن غيره ، أصبحت ترى المساوئ وتُعرض عن الإيجابيات ، ومقياس الرجال قد تغير كسلعة تُباع في الأسواق ، أصبح يوزن بالدراهم فمن معه درهم يساوي درهما ، ويساوي الألوف من معه ألوف ، خارت النفوس بعد أن دب فيها بريق الدنيا ، فباع الأخ أخاه ، والمواطن وطنه ، عُق الآباء ، وقُطعت الأرحام ، ضاعت الحقوق ، ورحلت الرجولة عن الرجال ، وأصبحنا نُعيب الزمن وهو من ذلك براء ، وحتى نعي حقيقة ما نحن فيه ، لا بد أن نضع النقاط على الحروف ، وتستبين لنا معاني الكلمات !
محمد العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

  1. مش للدرجادي يا استاذ محمد اينعم الاوضاع كلها بقت غلط ومتلخبطة بس كل واحد ناجح عنده ارادة ممكن يصنع بايده الحياة اللي هو حابب انه يكون فيها حياة صح من غير اختلاطات وده متوقف علي الارادة والعزيمة القوية

    ردحذف
  2. أبو الطيب الحلبي17 يناير 2012 في 11:46 ص

    بعد قراءتي لمقالكم هذا أخذت على غير عادتي برهة من الوقت قبل أن أرد بتعليق متواضع .. لم أجد الكلمات فقد تاهت مني لبرهة فلقد اعتدنا يا سيدي على كلماتك التي تطرق القلب فتلمس أجزاء دقيقة منه ليتسارع نبضه، تارة تخاطب وجدانه وتارة أخرى تجعله يستنهض عقله ليفكر ويفكر ويفكر ... أسئلة كثيرة جالت في خاطري بعد قراءة المقال ... هل وقعت النقط من فوق الحروف ؟؟ والله إنك أحسنت الوصف فقلت وقعت ولم تقل ضاعت ... وقعت وسقطت لأننا نسقط كل يوم في دائرة رحى الحياة فأصبحنا نركض ونركض كي لا تدهسنا تلك الرحى ... هذا السعي المستمر والركض خوفاً من رحى الحياة جعل أغلب الناس تنسى أنها بشر فباع الأخ أخاه ... وسقطت القيم والأخلاق والإنسانية... وسقطت الرجولة كما تفضلتم.
    سقطت إنسانيتنا عندما اعتدنا رؤية دماء أخوتنا تراق وأرواحهم تزهق فلم تعد وامعتصماه ولا واإسلاماه تؤثر فينا... تلك الكلمة التي هزت كيان دول من قبل ... فتحولت إلى فواصل إعلانية على قنوات فضائية لا يعلم أهدافها إلا الله ...
    جزاكم الله خيراً أخي محمد وبانتظار المزيد من عطائكم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!