تأملات في المشهد ورجاء من مرسي !




لقد انتابني شيء من الريبة مما يحدث في مصر الآن بعد وصول المرشح صاحب الخلفية الإسلامية وحاملًا مشروعًا لخدمة الأمة، ومساواته بين ذلك الرجل الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء النظام السابق وعلو شعار" خياران أحلاهما مُر" كأن الاثنان غيلان ووحوش كاسرة يلتهمون مصر، وهذا شيء ينذر بخطر رهيب وهو مساواة الضحية بالجلاد، وهذا طمث للجهد الذي قُدم من هؤلاء الضحايا طوال عصور عدة، فمن غير المنصف على الإطلاق بل من الإجحاف الشديد الخلط بين القوة الثورية وبقايا النظام السابق وهنا لا أتكلم عن أشخاص حتى لو اختلفت معهم قدر ما أعني نظام كان قائم ثم انتهي بيد شهداء قدموا أرواحهم لهذا الوطن من أجل العيش بحرية وعدالة اجتماعية وأن يتساوى الجميع بعد كسر حاجز الإله الأوحد الذي يحكم البلاد، ولم تتقدم بغيره ولا تنهض إلا به فإما هو أو الفوضى،  فأتت ثورة 25 يناير بسواعد الثوار أصحاب الفضل علينا جميعا بعد الله وجعلوا شجرة الشوك فتات بدماء سالت على الأرصفة وفي الميادين وفي المعتقلات والسجون وبدمعة كل أم في كل بيت على ابن فقدته ولم تراه بعدما ارتقت روحه إلى الله، أو مُصاب مُلقى على فراشه لا حول له ولا قوة يتألم وتنهمر من عيون أهله الدمع حسرة على شبابه الذي انتهى، فهل يُعقل بعد هذا أن يأتي الناس بشيء من بذور هذه الشجرة الخبيثة مرة أخرى ويبدروا بذورها في أرضنا بعد تطهيرها؟ هل بعدما مَنَّ الله علينا بالشفاء من هذا المرض نأتي ونحقن أنفسنا به مرة أخرى؟ كما زادني ـ اشمئذاذًا ـ ما سمعته عبر القنوات الفضائية من تحليلات غير واقعية، ويسمح لنفسه أن يتكلم باسم الشعب بغض النظر ما يقدمه صواب أم خطأ، وفي الجانب الآخر أجد من يدندن على وتر الأمن القومي، وهنا أسأله أي أمن قومي ونحن نفقد الأمن الداخلي؟ كيف نرجوه ونتغنى به وننسى ما نحن به في الداخل؟ ألا تعلم أن لا أحد يأمن على بيته ولا على نفسه ولا على ما يملك حتى أن يحميه أو حتى يحمي ابنه الذي يمشي بجواره، كما شعرت أيضًا باستغلال لهجة مصلحة الوطن من قِبل الأحزاب السياسية والحركات الثورية في حاجة حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين إليهم في هذا الوقت العصيب؛ لذا كان لا بد من اقتسام الغنيمة والفيء؛ فأسرع الجميع ووضع الشروط تلو الأخرى ولا أدري أهو المقصود به فعلا الوطن أم تعجيز وفرد عضلات استقواء المرحلة؟ ومن هذه الأشياء التي تبين نية الإقصاء وليس لم الشمل طلب أحد الأفراد بغير حق أن يتنازل الدكتور "مرسي" المرشح رقم "1" والمتصدر المرشحين بالتنازل للمرشح الأستاذ "صباحي" رقم"3" حتى نخرج من هذا المأذق، مع احترامي التام بما قدم هذا المقترح أنه لا يمتلك الحيادية ولا الرؤية الشاملة لعموم المشهد، والغريب أنني رأيت ميل بعض المفكرين والسياسيين مثل الدكتور" حسن نافعة " وغيره، فهذا إجحاف وظلم وفرض وصايا وعدم ديمقراطية. كما هو أيضا يفتقد الصفة القانونية وهذا ما أوضحه المستشار "أحمد مكي" بقوله حتى ولم تم انسحاب المنافس فستجرى الانتخابات على فرد واحد،  مع أنني في الحقيقة أميل إلى طرح التنازل للمرشح "صباحي" عاطفيًا لصعوبة الموقف وتربص الجميع بالإسلاميين والتشويه الممنهج لهم فلم نجد أفضل من "صباحي" باعتباره بعد شفيق مباشرة في الترتيب الانتخابي وأكن له كل احترام وتقدير وأحترم تاريخه حتى ولو كان لي بعض التحفظات، لكنني أجد في نفس الوقت أنه من غير المنطق أن يطلب أحد مثل هذا الطلب ولا يفكر فيه أصلًا، وبعيدًا عن هذا وذاك لا بد أن نرتقي وننسى خلافاتنا بعقل ومنطق حتى نتقدم ولا يأتي يوم نستيقظ في صباحه على كابوس يكدر حياتنا وحياة أولادنا؛ حينها لا نسامح الكل ولا يسامح بعضنا البعض؛ لذا يجب على الدكتور "مرسي" رئيس حزب الحرية والعدالة والرئيس المحتمل لمصر أن يحمل الخير مع الجميع بعدما تتشابك الأيادي ومعها يرفعون راية النهضة، فليس من المهم الآن من يرفعها لكنها لا بد أن تُرفع، ويكون "مرسي" أبا للجميع وأخ أكبر يتحمل كل ما يقال ولا يلتفت اليه فهذا قدر الكبير دائمًا يعطي ولا ينتظر، يمسح دموع الغير ولا ينتظر أحد يمسح دمعته، يُشعل نفسه  ليُنير درب الآخرين، وحتى تصل إلى ذلك أقترح الآتي: أن تقوم بتكوين فريق رئاسي نواب ومعاونين لك إذا أراد الله لك بهذا الابتلاء وهو منصب رئيس الجمهورية والتعاون مع المرشح الخلوق "صباحي" وهو وطني وثوري معروف وصاحب شعبية كبيرة، والدكتور "أبو الفتوح" أيضًا الذي نكن له كل ود واحترام، كما اقترح تشكيل وزارة يرأسها الدكتور"البرادعي" أو يتم التوافق عليه من قبل التيارات السياسية، وأيضًا من أهم الأشياء الحساسة التي لا بد من الاتفاق عليها هي اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، ويتم وضع الدستور الذي سيفخر به المصريون، لا بد من الجميع أن يعلم هذا الوقت بالذات يحتم على الجميع أن يكون يد واحدة فهي فترة انتقالية، ولا بد من تقديم تنازلات مع الحفاظ على وضع كل فصيل ولا فرض وصاية ولا استقواء ولا استعلاء من أحد على الآخر وإن أصبح هذا سائدًا فلن تسير المركب ولن ترسو على الشاطيء أبدًا وستغرق ويغرق الجميع فعلينا التجديف بسواعدنا حتى نصل الى بر الأمان، كما نرجو من الجميع تغيير اللهجة العدائية وخاصة الإعلام أن يعلم أن عليه مسئولية كبيرة فاليرضي ضميره ويحافظ على مبدأه الذي سيفخر به فيما بعد أمام نفسه وأحفاده ويُسطر التاريخ اسمه بحروف من نور تلك تأملاتي وهذا رجاء لمرسي أيضًا، حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء !

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!