لحظةٌ ذُبحت فيها أُم الشهيد !!!



جلست أتخيل أم الشهيد وهي مستيقظة من الفجر عندما همت بالوضوء للصلاة والدعاء أن تسمع حكم يشفي صدرها وصدور أُمهات مثلها كثير، تفكرت في كل لحظة تعيشها وتمر بها إلى لحظة أخرى وهي فيها تسمع النُطق بالحكم على قتلة ابنها فلذة كبدها التي كانت تخشى عليه من نسمة هواء تجرحه أو تمسه بأي ضرر فكانت تضعه دومًا في عيونها بين رموشها، كيف لا وهو نور هذه العين الذي ترى به كل شيء جميل؟ ولمسة من يديه تنسى معها كل وصب الحياة؛ فكانت لا تنام حتى يأتي ولا تأكل حتى يأكل ولا تحس للدنيا أي طعم وهو ليس بجوارها، الحياة كلها هو ومن غيره تموت الحياة والأحاسيس كلها، ظللت أعيش بخيالي في بيت الشهيد وأُتابع تحركات أُمه وأخواته وإخوانه وهم ينتظرون العدالة الإلهية قبل العدالة الأرضية حتى يرتاحوا ولو قليلاً على الأقل أن تكون الراحة معنوية، رأيت أُم الشهيد تؤجل الطعام الذي قُدم من ابنتها التي أستيقظت معها، رأيت أم الشهيد قد أجلت الإبتسامة التي هجرتها أصلاً منذ فقدانها ابنها إلى أن تسمع حكمًا عادلًا كي ترسم البسمة ولو مؤقتًا وتشعر براحة ابنها في قبره بعد القصاص العادل، تخيلت وهي تهرول على عصاها التي اعتادتها منذ فقدان ابنها إلى فتح التلفاز وجلست أمامه هى وجميع من في البيت الذي خيم عليه السكون فلا أحد يهمس ولا يستطيع ذلك، الجميع جالسًا يرجف كأنه في ليلة شديدة البرودة كذلك يسيل منهم العرق وكأنهم يمكثون تحت أشعة الشمس الحارقة، أراه أمرًا صعبًا يصعب على أحد أن يتصوره، إنما هم كذلك حتى بدأ المستشار "أحمد رفعت" بتلاوة خطاب جميل محرك للمشاعر الإنسانية حتى الحيوانية كذلك إذا عقلته، قد تخيلت أُم هذا الشهيد وكل أمهات الشهداء وهم يتنفسون الصعداء قليلًا بعد أن بدأ الاطمئنان يدُب في قلوبهم بعد هذه الكلمات التي ضربت على أوتار الإحساس، فبدأوا ينظرون إلى وجوه بعضهم فيزدادوا اطمئنانًا بما يجري وقالوا جميعًا يبدو إنه إعدام، استرسل القاضي في كلمته بقوله أن الثورة أتت لتخلص الناس من ظلم هذا النظام إشارة إلى النظام السابق حتى قال "فإذا بزغ صباح يوم الثلاثاء 25 يناير عام 2011 أطلت على مصر فجر جديد لم تره من قبل أشعته بيضاء حسناء وضاءة تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره ليتحقق مع نفاذ أشتعها شعاع وضّاء أشتعها شعاع وضّاء وهواء نقي زالت عنه الشوائب العالقة فتنفس الشعب الذكي الصعداء بعد طول كابوس ليل مظلم لم يدم لنصف يوم كالمعتاد وفق نواميس الحياة، ولكنه أخلد لثلاثين عامًا لظلام دامس أسود أسود، ليل خالص بلا أمل أو رجاء أن ينقضع عنها لصباح مشرق بضياء ونضارة وحياة" . وبهذا بدأ الجزم بأحكام الإعدام حتى شرف على نهاية كلمته بقوله وهكذا كانت إرادة الله في علاه إذ أوحى إلى شعب مصر وأبنائها البواسل الأشداء تَحُفهم ملائكة الحق سبحانه وتعالى لا يطالبون برغد العيش وعلياء الدنيا بل يطالبون ساستهم وحكامهم ومن تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة أن يوفروا لهم لقمة العيش. ثم بدأ بتلاوة الأحكام بالسجن المؤبد للرئيس المخلوع "مبارك" ووزير داخليته " العادلي" وبراءة معاونيه كلا من "أحمد رمزي " رئيس قوات الأمن المركزي السابق واللواء "عدلى فايد " مدير مصلحة الأمن العام السابق واللواء "حسن عبد الرحمن" رئيس مباحث أمن الدولة السابق واللواء "اسماعيل الشاعر" مدير أمن القاهرة السابق واللواء "أسامة المراسي "مدير أمن الجيزة السابق واللواء "عمر فرماوي" مدير أمن السادس من أكتوبر السابق مما أسند الى كل منهم من اتهامات وردت في الدعوى الجنائية. وما أن انتهى من الأحكام وتعالت صيحات أُم الشهيد حسبنا الله ونعم الوكيل وهي تسأل بهسيرية واضحة هؤلاء خرجوا فمن الذي قتل ابني، وإذ هي كذلك حتى سمعت براءة "جمال"و"علاء" فأيقنت أن دم ابنها ذهب هباءً منثورًا وأغشي عليها وأظنها ستلحق بولدها محملة قطرات دم أخرى في رقاب هؤلاء وعلى رؤسهم القضاة، وأقول لكل من أتلف وثيقة أو ورقة تُبين الحق لإعدام هؤلاء إن الله يُمهل ولا يهمل واعلموا يقينًا أن الله سيريكم يومًا في أولادكم كما رأينا في أبناء صدام والقذافي وكل طاغية، إلى كل من جعل الدمعة تنهمر من عين كل أم شهيد إثر هذه الصدمة اعلم أن الله لن يفلتك، تمتعوا كما شئتم فحتمًا سيأتي يومًا ويأخذ الله منكم حق هؤلاء الثكالى المقهورة قلوبهم، ستظل دعاوتهم تصعد إلى الله في جوف الليل فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حاجب، ومن الأمهات مازالت تدخل غرفة ابنها تسأل عنه وتقول أين ابني ؟ لماذا تأخر حتى الآن ؟ فيرد عليها زوجها عليها ويقول ياحاجة زمانه جاي ثم تخرج في بلكونة البيت وتنتظره طوال الليل على أمل أن يأتي، فما بالنا لو أنها علمت الآن أن قتلة ابنها قد خرجوا براءة. أنا لا أدري كيف القضاة سينامون مليء أعينهم وفي المقابل في البيوت الأخرى فيها يبكون وينيحون وينعون حظهم على أبنائهم بعدما رأو تخاذل الجميع تجاه دماء أبنائهم، كيف سترتاح ضمائركم ومازال أنين المصاب الذي أصابته هؤلاء القتلة الظالمون وهو يتمنى الموت ولم يناله من شللِ أصابه من تعذيب في سجون هذا النظام وخاصة الظالم "حسن عبد الرحمن" الذي كسر أعين أناس بالإعتداء الجنسي عليه وتعليقهم على شبابيك الزنازين وتعليقهم من أرجلهم في الأسقف، هذا الرجل الذي انتهك حرمات المنازل ودمر كل ما فيها من أثاث ومُصادرة أجهزة الكمبيوتر والحقد الدفين الذي يظهر في أعينهم تجاه كل شيء، هذا الرجل فرق الزوج عن زوجته، والأب عن ابنه الآن يخرج براءة وقد يعود إلى سابقه مرة أخرى مع شفيق الذين يريدون أن يأتوا به، لكن جميعنا أمل في الله أن يأخذ حق الشهداء ولا يعول أحد على قضاة ولا غيرهم (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ، مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ، وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب) .

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

  1. بجد حسبي الله ونعم الوكيل فيهم وحسبي الله ونعم الوكيل في كل اللي هيدي شفيق ربنا يولينا علي الظالمين لازم نتحد يد واحدة علي الظالمين وربنا ينصرنا علي الظالمين ويستر علي الايام اللي جاية

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على هذا الشعور الطيب ونسأل الله أن يخرجنا من بين الظالمين سالمين

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!