هذه ليست مصر التي أعرفها!!


يوما بعد يوم تزداد حسرتي على أم الدنيا فليست هذه الأم التي أعرفها، وشربت من نيلها وتربيت على حجرها وأكلت من خيراتها وحجبتني عن حر الحياة بجمال طبعها وطيبة قلوب أبنائها وسماحتهم ولطفهم ورجولتهم وشهامتهم التي أشهد بها وافتخر أمام الأمم إنني ابننا لهذا الوطن، كنت أعيش بقرية من قرى هذا الوطن الغالي وأرى الناس يحملون هموم بعضهم البعض ويقفون سويا في المسرات ولا يستطيع أحد أن يفرق بين الصاحب والضيف فكلهم أصحاب مكان وأخلاء وأهل يفرحون لفرح بعض وكذلك يحزنون بحزن أحدهم ويعتزلون الفرح فترة حزن جارهم أو حتى بالبلدة عموما وتؤجل الأفراح والأعراس إلى أن يرتاح صاحب الحزن من حزنه، إنها المحبة التي اعتددناها سويا وكبرنا عليها، أما الآن اجد مالم اعهده من أهل مصر أصبحت العادة أن يشمت بعضنا البعض لدرجة أننا نقيم الحفلات من أجل موت إنسان كل جُرمه أنه أراد التعبير عن رأيه بغض النظر عن صحته من عدمه، والداهية إن كان هذا الشخص جارك أو قريبا لك، للأسف الاختلاف جعل منا كلاب ينهش لحوم بعض البعض حتى أصبحنا حيوانات مفترسة نقتل ولا نعي بمن نقتل شيخا أو شابا أو عجوزا أو شابة أو كهل أو غيره، أصبحنا نرتاح للون الأرض التي يزينها الدم ونستجم على أصوات عويل ونياح الأم التي قتل ابنها أو حسرة أب فقد ابنه الوحيد الذي كان ينتظر أن يقوى صلبه حتى يريحه من تعب الحياة، اصبحنا لا نأبى ولا تتحرك عاطفة تجاه أرملة مات زوجها دون أي حق وترك في رقبتها كم من الأطفال الذين لم يبلغوا سن الثامنة من أعمارهم، أصبحنا نرى الجثث ملقاه بالشوارع دون أن يتحرك لها القلب، أصبحنا نضحك وتعلوا صيحات الفرح عند مداهمة الشرطة بيوت الجيران بل ونخرج نهنأهم ونبارك لهم ونبارك ما يفعلونه ونشد على أيديهم ونناشدهم بقتلهم لانهم مجرمون إرهابيين، ولا أدري هل يصبح الفرد مجرم بيوم وليلة بمجرد انه يقول لا لما يراه هو خطأ؟ أصبحنا غرباء متفرقون لا تجمعنا مبادئ ولا أخلاق  ولا حق جيرة ولا إنسانية، لقد اصبحنا وحوش مفترسه فهل هذه مصر التي نعرفها؟ هل هؤلاء هم القوم الذين عرفناهم من قبل؟ فهل نحن فعلا كما قال فينا ابن القرية عندما سأله الحجاج عن طباع أهل الأرض وقال له  أهل الحجاز أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم عنها، رجالها حفاة، ونساؤها عراة، وأهل اليمن أهل سمع وطاعة، ولزوم جماعة، وأهل البحرين قبط استعربوا، وأهل اليمامة أهل حق وائتلاف، وأهل فارس أهل بأس شديد، وعزٍّ عتيد، وأهل العراق أبحث الناس عن الصغيرة وأضيعهم للكبيرة، وأهل الشام أطوع الناس للمخلوق وأعصاهم للخالق، وأهل مصر عبيد لمن غلب 
دع الأتراك والعربا ... وكن في حزب من غلبا
وقال الجاحظ في كتاب الأمصار: الصناعة بالبصرة، والفصاحة بالكوفة، والحسن بهراة، والمروءة ببلخ، والبخل بمرو، والعجائب بمصر، قلت: وكلّ ذلك في كلّ أحد غاية ما في الباب، أن ذلك في هند أظهر منه في دعد، ومن أكثر من شيء نسب إليه. )  يؤلمني أن نكون عبيدا لغير الله وأن نركع لغيره فالعيش عيش السعداء الشرفاء أو الموت خيرا أن نكون عبيدا أُجراء، عاشت مصر حرة ابية وحفظها من كل سوء هي وأهلها وان يجمع بينهم على خير وأن يرنا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرنا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .
محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

  1. احسن ماكتب ف وصف مايحدث الان ف مصر يسلم احساسك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!