اللا عودة


سأتكلم عن محورين مهمين جدا، الأول هي سيناء وما يؤول عما يحدث في المستقبل في هذه المنطقة الحرجة إذا ما بقي الحال على ما هو عليه، المحور الثاني هو الإخوان وماذا سيحدث لو اتجهوا للعنف وحملوا السلاح؟، نبدأ بالمحور الأول سيناء، تقع شبه جزيرة سيناء في شرق مصر وتمثل 6% من مساحتها، يسكنها ما يقرب من مليون ونص المليون نسمة ومعظم سكانها من البادية وتتكون من قبائل عدة شمالا وجنوبا ، لهم أعرافهم التي يحترمونها ويحتكمون بها ويقتضون بقوانينهم في قضاياهم ، وينفذون الأحكام مهما كانت قساوتها، وأهل سيناء يتميزون بالكرم والشجاعة، وكذلك حب الوطن الذي أتهموا بغيره كثيرا، أهل سيناء ذاقوا ويلات المعاملة السيئة من الشرطة خارج البيوت وداخلها دون مراعاة تقاليدهم وغيرتهم الشديدة على "نسائهم"، وكذلك عند الكمائن في مداخل ومخارج سيناء ونظرة التخوين الدائم لهم  مما أدى إلى تولد شعور لديهم بالغربة في وطنهم كأنهم دخلاء عليه مما أدى إلى الشعور بعدم الأمان وعدم الاستقرار، ومن هنا بدأ البعض بالخروج منها والذوبان وسط أهل المدن والمحافظات حتى يعيش حياته بعيد عن هذا السخط وعدم الاستقرار، أما من بقي فقد تجرع الكثير والكثير من تهميش واحتلال ومطاردات ، اجعلونا نتفق أن ليس الجميع شرفاء ولا الجميع مجرمين، لكن دائما يكون لدينا للأسف النظرة في التعميم في الشيء السيء فقط.
إن ما يحدث في سيناء من قتل وتهجير وتدمير للمنازل يخلق حالة إجرامية وخلق عدو نحن في غنى عن خلقه ، عندها يحدث ما نخشاه وهو اتحاد أصحاب الفكر المتطرف والمجرمين مع الشريف ويصبح الحال" سمك لبن تمر هندي" وتتكون جبهة مسلحة لا يستطيع أي جيش صدها مهما كانت قوته فطبيعة المكان وأهله تحكي ذلك، وحتى القضاء على هذا لا بد من التنمية، والاهتمام بأهلها وليس إهمالهم، واحترامهم وليس احتقارهم، فدائما الضغط يولد الانفجار ويبدو انه قد بدأ وسنجني ثمار هذا قتل وتدمير لقواتنا المسلحة وإرهاقها وذلك سيخدم العدو الحقيقي.
المحور الآخر هم الإخوان، وهم قائمون منذ ما يقارب أربعة عقود فقد أسسوا جماعتهم على أسس يحترمونها ويفدونها بدمائهم، فهم متجذرين ونافذين ومنظمين ومنتشرين داخليا وخارجيا، فالتعامل معهم بهذه الطريقة ومحاولة إبعادهم عن المشهد ومحوهم من الصورة شيء من ضرب الخيال، والمحاولات الحثيثة والحرب الضروس عليهم وتسليط الآلة الإعلامية على سبهم ووصفهم بالإرهاب، واتهامهم بالإجرام وأنهم قتلة، والتحريض الدائم باعتقالهم وحبسهم، وحرق شركاتهم ومصادر أرزاقهم كل هذا يؤخر ولا يُقدم ، ولا نجني منه إلا الفرقة والتشرذم، وبعد هذا السخط ماذا ننتظر منهم ؟، هل ننتظر إعطاءنا الخد الآخر ندوس عليه بأقدامنا؟ أم ننتظر ركوعهم؟ أجعلونا حياديين إذا اردنا الحل ونعترف أن ما يُفعل بهم يروي أعوادهم كرها من تصرفاتنا مما يؤدي إلى الانتقام، وإجبارهم على العنف وحمل السلاح، عندها سنجد من يكون معهم بانتظاره لهذه اللحظة الفوضوية للإنتقام فكل منهم لديه مشكلة ما مع افراد الشرطة أو النظام عموما، وهنا لا بد أن نعي جيدا أن الاخوان قد تعلموا كثيرا من أيام عبد الناصر وأعتقد أنهم لم يسمحوا بأن يُعاد ما حدث لهم مرة اخرى، لذا نخشى أن يكون خيارهم هو حمل السلاح والاتجاه للعنف، وعندها سيكون النتائج وخيمة وستتراجع معه مصر إلى الوراء عشرات السنين، وبذلك نكون قد وصلنا إلى نقطة اللا عودة المليئة بالدم والثأر، فعلى كل من يحب مصر ويخاف عليها أن يتقي الله فيها ويُغلب مصلحتها على مصلحته الخاصة حتى لا تصبح مصر كسورية أو العراق أو ليبيا أو اليمن مؤخرا، فما نراه هو مؤشرات خطيرة لحرب أهلية ودلائلها قد بدأت، نرجو أن يعي الجميع خطورة الموقف وخطورة الفتن، وأخص الإعلام ورسائل الحقد والفرقة والضغينة التي تُبث عبر الفضائيات والصحف، وليعلم الجميع أن مصر بالجميع وليس بفئة واحدة، حافظوا على بلدكم أنسو خلافاتكم وأبنوها بدلا من أن تدمروها، حفظ الله مصر من كل سوء.
محمد كامل العيادي    
Alayadi_2100@yahoo.com   


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!