لعب في لعب



الحياة ما هي إلا ملعب كبير تحت إدارة واحدة يغلب عليها طابع المصلحة، ومن أجلها يُباع من بالملعب جميعا والإقصاء أو حتى الموت إذا طلب الأمر ذلك، فالأمر يُدار بحكمة بالغة بجعل الجميع دُمى يُحركون بخيوط في يدي المدير الكبير صاحب الكلمة العليا مالك الملعب "مُحتل الأرض والعقل والمال"  وان ظهر لمن فيه غير ذلك، والإعلام له دور كبير في هذا وفي سلب إرادة التفكير وطموح التقدم الفعلي بتقدم زائف بيدي صاحب الملعب الذي ساعدناه نحن بغبائنا على سلبه مع عقولنا، وتركناه يقيدنا بعقول صنعوها ليحركونا عن طريقهم كيفما يشاؤون، بنشر الأكاذيب والخدع البصرية والعقلية بأسماء واهية وبوقائع ليس لها أساس، من خيال حاقد مضلل الذي ساعدناه نحن دون أي تمحيص أو حتى مجرد التفكر، وللأسف من يمسك بيده خيط الدُمى يضحك على عقولنا وكيف نُصدق بهذه السذاجة ويمر علينا هذا الخداع؟، فكثيرا ما نرى لاعب لا يجيد اللعب أصلا ولا في التشكيل الأساسي وأصبح كابتن كبير ومن ثم مدير فني بسرعة البرق، ويكون هو من بيده القرار يُقيد من يريد ويستبعد من يريد ويساعده في ذلك "بروجا ندا" عظيمة تجعل منه بطلا قوميا وعربيا وعالميا، صاحب القرار وقاهر الأبطال وموحد الأقطار ومحرر الأوطان ويُقال فيه الأشعار ويُغنى باسمه ليلا ونهارا، انه الفاتح المغوار من بيده  شفرات الأسرار مالك البحار والأنهار، هو المُخلص من الفكر الضال ونشر الفكر المستنير انه سيف الله البتار، وفي الأساس انه لا يمتلك شيء بما قيل غير انه أجاد في بيع نفسه وعقله ورضي أن يكون عبدا وليس من الأحرار، أجاد بأكاذيب قد جَمَّلها ونمقها هو وصاحب الملعب لتغييب العقول التي عندها استعداد لذلك والانبطاح لما يُسمى بالحياة، والغريب عندما يرى صاحب الملعب بعدم صلاحية هذا المدير الفني يُغيره بآخر ويقال عليه مثلما قيل على من قبله ونُصدق أيضا، لأننا ببساطة قد سُلبنا عقولنا من قبل وسمحنا بذلك ولو قيل علينا "بهائم" سنصدق ذلك بقول هم أدرى بنا مننا، إنها لعبة قذرة وانحطاط غير منقطع النظير مننا بتسليم عقولنا لغيرنا واستعدادنا للخضوع والاستسلام التام دون أدنى مقاومة، فلو كانت لنا وقفة عندما فُرِض علينا المدير الفني الأول الغير كفؤ مسلوب الإرادة منحط الفكر دنيء فاقد الشهامة والرجولة ما جاء من يليه وسيأتي من يليه ويليه، يبدو أننا أصلا كذلك ولو لم نكن كذلك ما جاء هؤلاء الحمقى فحيثما كنتم ولي عليكم، فنحن نعشق البطولات المفبركة والمزيفة ونصفق لما لا نفهم ونحمل فوق أعناقنا من فُرض علينا لأننا نعشق الاستعباد والاستبداد ونميل لمن يفكر عنا طالما يطعمنا ويسقينا، يبدو تغيير هذا لم يأتي من أجيالنا فهي انتهت وصدت كالحديد عندما يطاله الماء ونحن نُقعنا في الخذلان ولم يُطالنا فقط، التعويل على الأجيال القادمة التي لم تتلوث بفكر عفن واستسلام وقح، هم الذين سيغيرون التاريخ ويكتبونه من جديد بصدق دون تزييف ويمحون ما مضى بحقده وآلامه وإجلاء ودحر من احتل الملعب وأظهر نفسه انه الصاحب الأصلي له، وكذلك توضيح حقيقة كل مدير فني قد ولي أمرهم وتطهير العقول من أوساخهم مع حشراتهم المعدية أصحاب الأبواق العالية والأصوات المنمقة والمناظر المصطنعة والرائحة العفنة النتنة وحرقهم جميعا وإلقائهم في مزابل التاريخ، وعمل لهم متحف يسمى بمتحف قاذورات الحياة السابقة المؤلمة.
محمد كامل العيادي     

Alayadi_2100@yahoo.com      

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!