.. وتخلى المشير عن بزته العسكرية !


تخلى المشير عن لباسه العسكري ، وظهر أنيقا جائلاً وسط المدينة ، ويصافح الناس بروح عالية وبساطة وتواضع جم ، فبادلته الناس نفس الشعور ، فالشعب المصري شعب أصيل وكريم دائما ، رغم اختلاف بعضهم معه ، إلا أنهم لم يجعلوه يشعر بذلك ، وهتفوا له وصافحوه بكل ود واحترام الأبوية ، وتسابق الحشد لالتقاط الصور الفوتوغرافية معه ، لتصبح ذكرى جميلة مع القائد الأعلى للمجلس العسكري الذي يحكم البلاد مؤقتاً ، وكأنهم يقولون له لا تخذلونا أنت ومن معك ، لقد وثقنا بكم وهتفنا لكم ورفعناكم فوق أكتافنا ، ووضعناكم تيجان فوق رؤوسنا ، فلا تجرحونا لأن جرحكم سيكون غائراً ليس له دواء ، لا تتركونا فريسة لذئاب مفترسة يسدون بها جوعتهم ، لا تجعلوا الماضي الكئيب يعود مرة أخرى ، لا تجعلوا قانون الطوارئ يتحكم في رقابنا ، لقد تنفسنا الحرية ودخلت صدورنا وسرت بعروقنا ، فلا تكونوا السبب في حرماننا منها ، وطال تنفسنا هواء الذل والهوان ، لا تفرطوا في أمانة أمنكم الله عليها وستُسألون عنها ، لا تستهينون بنا فتهونوا علينا ، لا تجعلونا لقمة سائغة في فم فلول البائدين ، هذا الإحساس قرأته في عين كل مصري حين صافحه ، كما قرأت رسائل كثيرة منها تخوفهم من تخليه عن بزته العسكرية ، متسائلين أهي رسالة بأنه يصلح لمنصب الرئيس بعد أن يتخلى عن العسكر ويدخل الحياة المدنية ، أم رسالة بتواضع المجلس العسكري وأنهم يختلفون عن النظام السابق ، فإن كانت هذه أو تلك فهي دعاية لشيء قادم ، وازداد هذا الشك بوجود التلفزيون المصري ، وأفقدها البساطة والتلقائية وأظهرها وكأنها مرتبة ، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل وجوده مصادفة مع المشير في نفس المكان ، فزمن ألف ليلة وليلة قد انتهى بموت شهريار ، وذبح الديك الذي كان يبشره بالصباح . يا سيادة المشير أرجو أن يكون وصل إلى قلبك طلبات الشعب المسكين ووعيته جيداً ، فعجلوا بالانتخابات التشريعية والرئاسية ، لا تتباطئوا في القرارات ، فإن أمامنا وأمام مصرنا الغالية مشواراً طويلاً ، جهد في إصلاح الاقتصاد المكسور، والصحة التي سيكون على عاتقها حمل كبير في إصلاح ما أفسدته المبيدات المتسرطنة ، والبشر الذين يقطنون في مناطق عشوائية يشربون من المياه المختلطة بالصرف الصحي ، أنجزوا وارحموا البلد من التخلف الذي ظل كثيرا ، وحسنوا صورتها التي شوهت من قبل ، وارحموا يُتم أبنائكم في الخارج فهم لا قيمة لهم ، لا يجدون من يمسح على رؤوسهم ، ولا من يجبر كسرهم ، ولا من يحمي ظهورهم ، ولا من يأخذ حقوقهم المهدورة ، فهم كرجل في الفلاة ، وعراة لا عَلم يسترهم ولا سفارة تحميهم ، فيا أيها المجلس العسكري لا تحسبن أن الأمس بليله الدامس البهيم  سيعود مرة أخرى ، فمن ذاق الحرية لا يسمح لأحد أن ينزعها مرة أخرى منه ، كونوا معنا نفديكم بأرواحنا وتبقوا فوق رؤوسنا ، هذه رسالة ممن حملوكم فوق أعناقهم وتشابكت أيديكم فأصبحت يدا واحدة ، فلا تخذلوهم أيها العسكر ، عجلوا بتسليم السلطة للمدنيين وكونوا في مواقعكم للدفاع عن هذا الوطن الغالي ، وسيضعكم  الشعب في عيونهم ، فلا تغرنكم السلطة ولا الجاه ولا كرسي طاح بصاحبه  على عقبه في قفص الاتهام ، ينادى عليه بالمتهم بعد أن كان رئيسا ، فالعزة والذلة بيد الله ، فلا تسعوا وراء هذا الكرسي فهو بعد ثورة 25 يناير مغرما لا مغنم ، ولن يقبل الناس أيا من العسكر رئيسا لهم ، أعِ رسائل مواطنيك ولا تتجاهلها فيهوي بك الكرسي كما هوى بمن قبلك ، وحينها لا ينفع الندم !
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!