ماذا تفعل لو جعلوك مجرماً ؟

ماذا تفعل لو وجدت يوما فيديو على اليوتيوب ، لك ، أولأبيك ، أو أخيك ، أو لأحد من أقاربك ، أو أحد من أحبابك ، والكل يراه كما تراه ، جيرانك ، وأصدقاؤك ، وأهل بلدتك أجمعين ؟ هل تستطيع أن تريهم وجهك ، أو حتى الإطلال عليهم ، ماذا سيكون وضع ابنك في المدرسة ، أو الجامعة ، أو حتى العمل ؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهني ، وبالتأكيد في ذهن صاحب البلاء سيكون أصعب بكثير ، فقد يدله تفكيره إلى الانتقام ، ويصبح مجرما رغم أنفه وليس بإرادته ليصبح مصيره مجهولاً ، بل الأسرة كلها تصبح مطاردة مشردة بعد الاستقرار، وبعد أن كان مخططاً لبعضهم أن يكون طبيباً ، والآخر مهندسا ، أو شرطياً ، أو ضابطاً بالجيش يقدم روحه فداء لوطنه ، ويكون أداة بناء لا معول هدم ، أما بعد ما رأيناه من مناظر بشعة وتفننهم فيه وكأن لا رادع لهم ، سيفرخ هذا مجرمين من مواطنين مسالمين ، بانتقامهم ممن وضعوا رؤوسهم في التراب ، فما كان يحدث في عهد النظام السابق من تعذيب وظلم واستبداد ما زال موجوداً ، بل أجده أكثر ، وستكون آثاره أكبر على الشعب المصري ، ولن يقبل أن يُنسخ النظام السابق المستبد المعروف بأداته القمعية ، من أمن الدولة ، وأقسام الشرطة المليئة بضباط المباحث والمدربين على أعلى مستوى للتنكيل بالناس وتعذيبهم بأفظع طرق التعذيب القذرة ، كإجبار المحجوز على ذمة التحقيق على خلع ملابسه وتصويره بهذا المنظر البشع ، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء عليه جنسيا لكسر نفسه وإهدار كرامته وإنسانيته ، ومن ثَم فضحه عبر النت والهواتف النقالة ، حتى يتم التأكد بتدميره نهائيا وتحويله من فرد مسالم إلى رجل مجرم ، مكتوب عليه صُنع بشر لا يخافون الله ، وأذكرهم وأذكر كل من يقوم بظلم إنسان قد كرمه الله ، بموقف لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما غضب من خادمه فعرك أُذنه بإصبعه فتألم الخادم فتذكر عثمان قصاص الآخرة فنادى عليه وجلس بين يديه وألح عليه أن يقتص منه فكَبُر ذلك على الغلام ، فعزم عليه عثمان فاضطر الغلام على كرهٍ منه تنفيذ أمر أمير المؤمنين ، فأمسك الغلام بِأُذنِ عثمان وشد عليها بإصبعه وأمره عثمان أن يشد أكثر وأكثر قائلاً له " إن قصاص الدنيا أهون من قصاص الآخرة " ، أما يتعلم هؤلاء الذين تجبروا بسلطاتهم على الناس من موقف عثمان بن عفان أم أخذتهم العزة بالإثم ، فلا تعتقدوا بأن الزمن السابق سيعود أبدا ، فدماء الشهداء الذكي والثمن الباهظ الذي قُدم من أجل كسر قيود الظالمين ، وتكميم الأفواه ، ليس سهلا ولا يضيع هباء ، فرائحته مازالت تعطر شوارع مصر وميادينها ، ولن يقبل أحد خرقا من جهاز الشرطة أو حتى من الجيش الذي أراه قد انحرف إليه أيضا ، بحجة البلطجة ورعب الناس من أجل إرساء النظام ، إنه حق أرادوا به باطلاً ، فظاهره حفظ أمن الناس وباطنه يجعلون الناس أنفسهم يطلبون حمايتهم من البلطجية الذين هم أصلا صناعتهم باقتدار ، ويطلبون إعادة قانون الطوارئ ، فهذا منطق غير مقبول أبدا ومرفوض ، فمن يلاحظ عليه جرما ما فيُقدم للعدالة والمحاكم المدنية وليس العسكرية ، وعبر القنوات الرسمية بإحراز ومحاضر مكتوبة بكل ضمير وخوف من الله . نريد أن ننهض ببلدنا بالأخلاق الرفيعة السامية ، فلا ظلم ولا وساطة فالكل سواء أمام القانون سواء كان غفيراً أو وزيراً، فالمجرم يأخذ عقابه بالقانون مع الحفاظ على إنسانيته وتظل محترمة لا تهان مهما كان جرمه ، فما رأيناه والله عفت منه النفوس ، وبكت له العيون ، وقد تخيلت نفسي مكان هذا الذي يُضرب ويهان أمام العالم ، فقلت هل أنتحر لأهرب من الناس وعيون من يعرفني ، أم أتحول إلى مجرم ؟ لآخذ حقي بيدي ، وكلاهما واحد يؤدي إلى انتهاء الحياة ، و الموت بالطبع بكرامة أفضل بكثير من العيش من دونها ، حينها سيضاف مجرم جديد وهو بريء ، فيا أيها المبتلون بالسلطة هونا على الشعب وكفى السنون العدة التي مضت على هذا الشعب الأبي ، من احتلال واستعمار، وظُلمهم بيد بني جلدتهم بعدما قدموا إلى سدة الحكم ، وأهمس بأذن رجال المجلس العسكري رفقا بالشعب واستوصوا بهم خيرا ، ولا تكونوا أمثال أسلافكم فتهونون عليهم كما هانوا هم من قبل !
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!