فلوباتير وأحداث ماسبيرو ورد الجميل لمصر !


ما وقع في مصر يوم 9 أكتوبر بما يسمى بأحداث ماسبيرو شيء مخذ لنا جميعا ، وعندما أقول جميعاً أعني المسلمين والمسيحيين ، الذي تربطهم الأخوة والصداقة والجوار ، كما توجد بينهم معاملات تجارية لا يشوبها في يوم من الأيام أي شائبة ،  فلا يتحدث أحد من الطرفين ذات مرة في عقيدة الآخر ، متفقين بأن لكل منهم دينه ومعتقده الذي لا بد أن يكون مبدأ محترماً لدى جميع الأطراف ، فالمسلم يفرح لفرح أخيه المسيحي ويحزن لحزنه ويذهب إلى الكنيسة للوقوف بجواره وسماع الترانيم ، وكذلك هو يبادل المسلم فرحه كما يشاركه الحزن بذهابه إلى سرادق للعزاء ويسمع آيات الله بل قد يبادر باستقبال المواسين مع أخيه المسلم ، وهذا الشيء ليس جديدا على المصريين ، دون أي اصطناع منهم ولا أي نفاق ، فقد تميزت العلاقة بين المسلم والمسيحي بالعلاقة القوية المتينة طوال التاريخ منذ دخول عمرو بن العاص مصر وتحريرهم من ظلم الرومان  واستعبادهم المهين وحرمانهم  من بناء الكنائس طيلة فترة حكمهم ، فأراد فلوباتير جميل ان يرد هذا الجميل للمسلمين بوعده بمسيرة للأقباط لم تشهدها مصر من قبل ، فقام هو ومحبوه الذين فعلوا لأنفسهم صفحات على الفيس بوك تحت مسمى محبي فلوباتير ، لبث الفتنة و الحقد والكراهية تجاه المسلمين ، فخرجوا جميعا إلى ماسبيرو وفعلوا الأفاعيل التي لا تُقبل من قِبل المسيحي الأصيل والشرفاء منهم  قبل المسلم ، أمثال جمال أسعد الذي لم يسلم من هجوم رموز المسيحية عليه والتشكيك في مسيحيته عندما كانت له وقفة جميلة بتحذير المسحيين بالاستقواء الخارجي ، بعدما تحركت أجهزة أمريكية ومنظمات تبشيرية بالضغط على مصر ، وضرب على وتر الأقلية والاضطهاد ولا بد أن تكون المشاركات النسبية بينهم وبين المسلمين ، وهذا بطبيعة الحال يستفز المصريين عموما بجميع طوائفه الذين يرفضون أي تدخل خارجي في شئونهم ، ومن الظلم أن تطبق النسبية بينهم فالمسيحيون لا يشكلون إلا 6%  تقريبا من سكان مصر وليس من الطبيعي تطبيق نظام النسبية ، وهذا سعي من لهم مصلحة بالاستقواء بالخارج لإخراج مصر من حالة الاستقرار إلى الطائفية التي لا تحمد عقباها ، فهي كالنار التي تدب في الهشيم فتحرق الأخضر واليابس ، وسيكون المسئول عن ذلك هو فلوباتير الذي مازال طليقا حرا بعد هذه الجريمة ، ولا أدري لماذا يتركه المجلس العسكري هكذا حتى الآن ، وهنا يطرأ سؤال إلى ذهني ماذا لو فعل ذلك داعية مسلم ؟ واعذروني لهذا السؤال فهذا ليس لبث الفتنة على كل حال لكنه استفسار واستهجان في نفس الوقت مغلف بالاستغراب ، فكنت أتمنى أن يفعلوا كما فعل الرئيس السادات عام 1972 بعزل الأنبا شنودة  الذي عين بقرار من رئيس الجمهورية عام 1971 بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية بعد معاملة الرئيس الند بالند ، والممارسات التي قام بها وتحديه لإرادة الدولة ولي ذراعها ، و بعد أن أحس الرئيس  من الكنيسة حينها اتباعهم المنهج التآمري ، وقيام البابا شنودة بدور سياسي وهذا بدأ بشكل واضح مع أحداث الخانكة 1972 ، وقد وصل الأمر إلى إعلان المجمع المقدس استعدادهم لدخول عصر الاستشهاد من اجل الدين والثبات فيه ، وهذا بالضبط ما سمعناه قبل الأحداث الأخيرة التي راح ضحيتها 25 مسيحياً وخرج المسيحيون على القنوات وعبر مقاطع على اليوتيوب يفتخرون بشهادة من ماتوا ، وأن الطرف الآخر قتلة وليسوا شهداء يقصدون بذلك المجلس العسكري وجنوده الذين فاق قتلاهم الستين ، ولم يصرح بعددهم الحقيقي الجيش والذي نعارضه في ذلك ، فلا بد من إظهار الحقائق كما هي حتى يتبين جرم من قاموا بذلك وعقابهم بتقديمهم إلى المحاكمات ، وكي لا نعطي للمزايدين فرصة ، وهنا نذكر بالمواقف المشرفة أيضا للبابا كيرلس الذي اشترى مطبعة ليواجه بها التبشير الذي كان يشكل حينها خطرا على الارثوذكسية المصرية قبل أن يكون خطرا على الإسلام ، فالإسلام يضمن أمان الأقباط في مصر وليس ازدراءهم أو التقليل من شأنهم ولو وجد البابا كيرلس غير ذلك ما دافع عن الإسلام قط ، وما وقف أيضا بطريرك الأقباط مع الثورة العرابية عام 1882 ، وكذلك خليل البازجي  الذي كان له مواقف جميلة تجاه المسلمين عندما دافع عن اللغة العربية عام 1881 عندما هاجموها ودعوا إلى اللغة العامية ، كما عرف مواقف للمسلمين تجاه المسيحيين من التسامح ، والسماح لغير المسلمين بالبناء الحضاري والثقافي  بعد أن أصبحت اللغة العربية هي الوعاء للجميع ، وأصبح المسلم والمسيحي نسيجاً واحد لبناء شامخ ضخم هو مصر ، فلا أكثرية لأحد ولا أقلية للآخر ، فلا فتنة طائفية في مصر والمسيحيون ليسوا بحاجة لحماية فمن من يحمونهم من إخوانهم ، فعلى المسيحيين الشرفاء أن يقفوا ضد مجلس الكنائس العالمي الذي ينتمي إليه البابا الحالي والذي وصفه بعض المفكرين الأقباط ومنهم وليم سليمان بأنه صنيعة أمريكية ويدفعهم باستغلال هذه المسألة ومحاولة زرع الطائفية في مصر ، كما ساعدت ببث الضغينة في قلوب الأقباط في الخارج والذين أطلقوا على أنفسهم أقباط المهجر وتبني قضية خروج المحتلين من مصر وهم بالطبع المسلمون ، ولا بد من إخراجهم بأي طريقة وهذا لن يتم إلا بشحذ الهمم  بتقديم الشكاوى إلى الأمم المتحدة بدعوى وجود اضطهاد في مصر للمسيحيين ، طالبين مساعدة القوات الخارجية لدحر الغزاة العرب المحتلين لمصر ، فهذه الأشياء تترك مرارة في فم المصريين تجاه الكنيسة ، وإحساسهم بوجود أطراف خارجية تساعد بل وتقف  خلف الاقباط وتقوية  ظهورهم في مصر والاستقواء بهم  ، وهذا سيولد تعبيرات ممكن تؤدي إلى كارثة ويزيد من الاحتقان الطائفي ، فنهيب بالإخوة المسيحيين والعقلاء منهم وهم كثر أن يعزلوا بل يتبرأوا من أقباط المهجرالذين يخلقون جواً من الفتنة ، ولا بد من قرار الحرمان لكل من يسلك هذا السلوك المشين ، كما نتمنى عودة الثقة بين الطرفين التي نراها انعدمت بفعل بفاعل منذ اعتلاء الأنبا شنودة البطريركية وقد ساعد في ذلك كثيرا نظام مبارك السابق ، وهذا لن يتم بالتأكيد إلا بجهود الأوفياء من المسلمين والمسيحيين قبل أن يزيد الاحتقان الطائفي ويصبح الجو غير قابل للتنفس ويزداد الجرح وتسوء الحالة ولا يمكن حينها العلاج .
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!