نريد الفصل لا الاعتذار!


دائما في عالمنا العربي نركن إلى العواطف في كل شيء وليس إلى العقل، وفي حال ملاحظة أي تجاوز أو خطأ من أي جهة كانت حكومية أو حزبية أو جماعة أو حركة أو حتى شخص ، نظل في حيرة  ونفكر كثيرا في كيفية إبداء الرأي والتوجيه المغلف باللين أو النقد البناء إذا لذم الأمر بُغية الإصلاح وزجر المُخطئ والضرب على يديه، لكننا نتراجع كثيرا لدرجة  الصمت واضعين ألسنتنا داخل أفواهنا خوفا من غضب يُصب علينا صبا ، وقد يصل الأمر إلى اتهام بعدم الانتماء وسوء التربية والتأثر بالحاقدين وصفات كثيرة لا حصر لها ، وعند النقد على استحياء وبأدب جم يُرد عليك بطريقة لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، كقول لا تستمع إلى أحد إنهم مغرضون، لا تُصدق ما يُقال ، كُن واثقاً بمن تُحب ، اتبع أخاك وأنت مغمض العينين ، لا بد أن تثق إنه هو على حق وهو يعرف جيدا ما يقول ويدرك ما يعمل وعلى يقين بما قدم ، نجد افتراض صفة الملائكية والعصمة المُطلقة والتقية ، إن هذا أسلوب عقيم يُدمر البنية التحتية للكيان والجهة والشخص وليس من الحب في شيء.  نحن بحاجة إلى من يُظهر العيوب وليس لمن يجملها كي نتدارك الوضع قبل أن يأتي وقت يصعب فيه الإدراك، ولو نظرنا بعين البصيرة إلى ما حدث في 25 يناير التي أنهت نظام مبارك نجد أن غرور هذا النظام  أدى إلى سقوطه لعدم إدراك الخطر والنظر بعين الاستعلاء لهذه المظاهرات ، وعلى الصعيد العالمي تراجع شعبية اليسار في الهند إلى ما يقارب 50 في المائة ، كذلك تراجع شعبية الوفد الذي كان هو الحزب رقم واحد في البلاد ولن يحصل على نسبة ترضيه في الانتخابات الأخيرة ، ومن بعده الحزب الوطني ، وعلى مستوى الأشخاص كنت أعرف أناساً كانوا يُخالطون البُسطاء ويسمعون توجيهاتهم وعندما وصلوا إلى بُغيتهم تركوهم في فلاة حتى ماتوا من انتظار طلعته البهية عليهم ، فقد قام بتلوين زجاج سيارته باللون الأسود "الفاميه" وتشغيل المكيف والكاسيت دون الالتفات إلى أحد، لكن أين هو الآن  ليس له ذكر لأنه أصم أذنيه وأغمض عينيه حتى وصل بقدميه إلى الهاوية ، ومنهم بعدما اختاروه الناس ممثلا عنهم كان يأخذ مُقابل خدماته لهم بأموال طائلة ، فلا نريد استنساخ النظام السابق وحديثي هنا نابع من حبي وإخلاصي الذي نزعني نزعا من الصمت إلى الكلام وليس كرها أو تشكيكا أو عدم ثقة ، إن ما يحدث من حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين هذه الأيام يُنذر بالخطر الشديد مما قد يؤدي إلى الإقصاء فيما بعد  من ساحة طالما بُذل الكثير من الجهد والروح والمال من أجل الوصول إليها وقد لا تنال فيما بعد، إن ما حدث في انتخابات نقابة المحامين وعدم توفيق "صبحي صالح " وفوز "عبد الحليم علام" المحسوب على النظام السابق إنه إنذار شؤم  وقرب نهاية نسطرها بأيدينا وهذا ما لا نريده أبدا ولا نتمنى أن يحدث في يوم من الأيام ، ولم يمر يوم أو يومان إلا وأتبعه أيضا التراجع الرهيب في نقابة الزراعيين، أيضا من هذه النُذر استعلاء بعض المتحدثين والخطأ الذي يوصل بنا إما إلى الاعتذار أو التملص والتكذيب والمراوغة السياسية التي باتت مفهومة لعبتها لدى الجميع ، لا بد من إدراك أننا في زمن الفضائيات وأصبح كل شيء على الهواء لا يستطيع أحد أن يُكذِّب أو يُشكّك ما يُنشر، كما حدث من النائب جمال العشري وعدم سعة صدره لأهل دائرته ورده بأسلوب لا يليق بشخص ينتمي إلى تيار "ديني" وهنا لا أحد يقول إنه ليس معصوماً ، إنما هو عدم حنكة وسوء تصرف منه أدى إلى كثير من الخسارة التي سيجني ثمارها ليس هو وحده لكن معه حزب الحرية والعدالة ، بعد أن أكد له أحد الحاضرين أن غلطتنا أننا اخترناك ودي آخر مرة ، وزاد العشري الطين بلة بتملصه وتبرير ذلك بأن الشخص الذي كان يتكلم ويُعارض من الحزب الوطني ، ونقول له حتى لو كان سيادة النائب فأنت تعلم أن كل إناء ينضح بما فيه فينبغي ألا يكون إناؤك مثل إنائه ، فيا ليت سيادة النائب صمت ولم يرد ، أما إذا كان متأكدا أن الحزب سيتخذ معه إجراء قوياً وهو الفصل لكان فكر ألف مرة قبل التلفظ بلفظ يُسيء إلى الحزب ، لكنه يعرف أن الأمر سيقف عند الاعتذار فألقى العنان للسانه ، كذلك تصريح الدكتور غزلان ضد دولة الإمارات الذي كاد أن يودي لسبب قطيعة نحن في غنى عنها الآن ، إن ما يحدث ليس بقدر الخبرة الكبيرة للإخوان وهذا يحسب عليهم وضدهم ويعطي مادة دسمة لمعارضيهم على طبق من ذهب ، إني أعرف إخلاصكم ولا أشكك فيه أبدا وأعرف مدى حبكم لهذا الوطن وما قدمتموه يشفع لكم ، لكن دائما نُريد منكم الأفضل ويكون كل فرد فيكم على قدر المسؤولية التي ألقيت على عاتقه ، لا بد أن تتشابك الأيدي دون النظر إلى أنت وأنا، وهو وهي، بل إلى الشمولية لا نقلل من شأن أحد حتى نعتلي القلوب  بالمشاركة لا المُغالبة، تواضعوا وتذكروا فعلة الرجل الذي جاء للنبي محمد "صلى الله عليه وسلم " وجذبه من عباءته وقال له أعطني من بيت المال فإن هذا ليس مالك ولا مال أبيك ، فأعطاه حتى اكتفى وتركه إلى حال سبيله ولم ينهره أو أمر أحد أصحابه بقتله ، أيها الإخوان افصلوا من يُسيء إلى حزبكم كما فعل حزب النور مع أنور البلكيمي ، ولا تعتادوا على الاعتذار لأن هذا يُقلل من شأنكم ولن يزيده ، قد تربينا على حفظ اللسان حتى لا نُعود أنفسنا على الاعتذار ، حفظ الله كل مخلص لوطنه وأعان الله من يخدم شعبه وحسبنا الله على من يتعالى عليه!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!