بينوا ما عندكم أو ارحلوا لدرء الفتن


ما إن تبزغ شمس يوم إلا ونجده يحمل لنا فتنة جديدة تعود بنا إلى مسافة أكثر مما مشيناها وكلفتنا كثيراً من الجهد والعناء، وكذلك موتى وقتلى وخراب ودمار، ولا ندري ستنتهي هذه المسرحية القذرة أم لا؟ هل ستظل مقررة بالمنهج الحياتي؟ صراحة أصبح الوضع في مصر مذرياً للغاية لدرجة ضياع ملامحه نهائياً، فما حدث بالأمس القريب يظهر ضبابية الأجواء أكثر، ودخولنا في مأزق يخدم تجاهاً معيناً، وليت الأمر يقف عند ذلك؛ لكن سيقضي على المشروع الإسلامي وإثبات فشله بكل قوة، عندها يكون المسؤول عن ذلك هو جماعة الإخوان المسلمين والرئيس "محمد مرسي"، وطبعاً معهم جميع التيارات الإسلامية بأذرعها السياسية، فما حدث بالأمس جراء إقالة الدكتور "خالد عبدالعليم" الذي على أثره أقام حزب النور مؤتمراً صحفياً وبدا فيه "خالد عبد العليم" متأثراً جداً ودموعه تنهمر من عينيه، ولا أدري أهي دموع لإشعال الفتنة باستعطاف الناس أم هي دموع الحزن على الكرسي؟ وردة فعله على الأسئلة التي توجه إليه في القنوات، هل رأيت أن الرئيس تملى عليه قراراته من مكتب الإرشاد؟ فرد قائلاً لم أرَ مَنْ يملي عليه قرارات؛ ولكنني ما رأيته حقاً أن مكتب الإرشاد يشارك في القرار مع مستشاري الرئيس، فسأله سؤالاً خبيثاً: ماذا تقصد بمستشاري الرئيس؟ فابتسم وقال أقصد المستشارين الخاصين بالدكتور محمد مرسي، ولست أقصد المستشارين الرسميين، ولا أدرى أين هم هؤلاء المستشارون، وسأله: كيف ترى موقف المستشارين المنسحبين على خلفية أحداث الاتحادية؟ فرد: حقيقة أختلف معهم في وجهة النظر في أشياء معينة كقضية الدستور، وتحصين المؤسسات الشرعية، وأتفق معهم في إدارة الفريق الرئاسي، والتي لم تكن على المستوى المأمول، خاصة  قرارات الرئيس التي يأخذها ولا يستشيرنا فيها، ويلام عليه. ثم أردف قائلاً عندما سُئل عن أداء الرئيس إنه أداء سيئ ومتباطئ للغاية، ووجه كلمة إلى الرئيس ناصحاً أياه وجماعة الإخوان المسلمين أن يتقوا الله في مصر وشعب مصر، وأن يقوموا على لم الشمل وليس تفرقته، فما ذكره الدكتور شيء في غاية الخطورة، ومحاولة ظهوره أنه المجاهد في القصر الرئاسي  كونه أكثر الناس نقداً دون خوف، ولا أدري على أي خوف يتكلم، وممن يخاف.
لقد أخطأت يا دكتور "خالد" بتوضيحك الخاطئ الذي هو بمثابة وضع السم في العسل؛ كونك حذرت كثيراً من عملية الإقصاء، وهنا تثبت ما قالته جبهة الإنقاذ وجميع القوى العلمانية والليبرالية، أن الإخوان تعمل على إقصاء الجميع حتى ينفردوا بالحكم، وهناك فتنة أخرى بطلها اللواء "سامح سيف اليزل" عندما خرج يتكلم عن غضب بين ضباط القوات المسلحة بسبب الإهانات التي توجه إليهم، ولا أدري مَنْ يقصد بهذا الكلام، إلا إذا كان فعلاً سعادته لديه ما يريد أن يوصله بعد زيارة دبي، ومحاولته إثارة الجيش حتى تقوم فتنة عظيمة لا تحمد عقباها، كذلك إشاعة إقالة الفريق "عبدالفتاح السيسي"، إذ قال اليزل إن شعور الضباط بتغيير القادة كل فترة غير مريح، وليس في صالح القوات المسلحة التي لا بد أن تمر بحالة استقرار، ولو تم التغيير بهذا الشكل الجماعي سيشكل إهانة للقوات المسلحة ككل، وهذا ما يرفضه الضباط وقادتهم، وسينعكس أثره السلبي على البلد ككل، فعلاً لا أدري إلى أين يذهب بنا هؤلاء، وإلى متى لا يعي الإخوان خطورة الوضع ولا يخرجون للتحدث مع الشعب بما يعلمونه، أو يرحلوا قبل أن تغرق البلد، ويغرق الجميع، عندها ستكون الخطيئة في رقابهم لصمتهم الرهيب الذي أتاح للجميع أن ينتقدهم؛ بل ويحاربهم، وآخر هؤلاء، وأتمنى أن يكون أخيراً هو هيثم أبوخليل القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين أن الرئيس "محمد مرسي" ليس "طرطوراً" ولا خيال مآتة؛ ولكنه واجهة، ومن يدير مصر "خيرت الشاطر" ومجموعة معه محددة جداً من مكتب الإرشاد، وهم محدودو الذكاء متجمدو الفكر والحركة، يسبحون بحمد الشاطر، ويرون فيه عبقرية نادرة، وهذا يعطي للشاطر ميزة هائلة، وهي أن يعزف منفرداً، و"البهوات مندهشون بالأداء اللي ما حصلش".
لا تستبشروا خيراً مع هذه المجموعة، فلن يصنعوا حضارة وإلا (كانوا صنعوها داخل الجماعة)، ولن تجدوا فيهم أملاً، وأن الرئيس "مرسي" لا ناقة له ولا جمل في حكم مصر، أوجدتم أكثر من ذلك فتناً؟! رحم الله مصر من هؤلاء المنتفعين الأشاوس، وهذا بكل تأكيد يجعل كل صغير أو كبير يقذف دون وجه حق كما فعل بلال فضل في واحدة من تصريحاته الساخرة اللاذعة, معلقاً على الخلافات الحالية بين حزب النور والرئاسة، تعليقاً على إقالة مستشار الرئيس خالد علم الدين، قائلاً عبر تدوينة له على توتير: "أحذر الإخوة في حزب النور من التطاول على السيد الرئيس محمد مرسي؛ لأنه منحة من الله، ولغاية ما نرجعها، ارفعوا ألسنتكم عن الرئيس المؤمن الاستبن" حسب وصفه.
 أقول على الإخوان الخروج من القمقم الذي وضعوا أنفسهم فيه، وأن يتكلموا مع الناس ويعرفوهم الحقائق قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه ما تقولون، استخدموا ما تبقى لكم في قلوب الناس، وبينوا ما في جعبتكم من معلومات التي نوه إليها الرئيس من قبل، أو لو سمحتم ارحلوا؛ حفاظاً على الدين والإسلام الذي بدأ يصرخ في وجوهنا ووجوهكم ارحمونا رحمكم الله، وكذلك إلى حزب النور وكل أعضائه: اتقوا الله ولا تنظروا إلى الدنيا وانظروا إلى الآخرة، وكان لا بد أن تُبقوا على الدكتور "بسام الزرقاء"، والدكتور "خالد علم الدين"، وانتظار ما تعلنه التحقيقات بخصوص ما صدر من اتهامات ضد الأخير، وحسبما سمعت عبر المداخلة الهاتفية عبر قناة "الحياة" للدكتور "ياسر على" أن الرئاسة لم توجه اتهامات، وسيخرج بيان يوضح كل الملابسات، كما قال - أيضاً – الدكتور "حمدي حسن" إن الرئاسة لم تُقِل أحداً من مستشاريها؛ لكنهم تقدموا باستقالاتهم، وإنه يجب عليهم أن يعتذروا للرئيس وللشعب الذي تخلوا عنه في هذه الظروف العصيبة، وليس العكس، مضيفاً أن حزب النور سيندم مستقبلاً على تحالفه مع جبهة الإنقاذ الوطني. يبدو أن أكبر خطأ ارتكبته الرئاسة هو تشكيل مجلس استشاري من تيارات مختلفة أيديولوجياً وسياسياً؛ ولكن الميزة في هذه التجربة هو التأكد من فشل فكرة تشكيل حكومة من تيارات مختلفة في الفترة المقبلة، ولا بد من تولي الإخوان كافة الوزارات ومناصب المجلس الاستشاري.
ويجب على الشعب أن يحكم على حكم الإخوان بعد مرور الفترة الانتخابية بشكل كامل وليس بعد مرور أشهر لم يجنِ فيها الشعب ثمار مشروع النهضة؛ بسبب التشويه الواقع من قبل أغلب التيارات السياسية.
أخيراً حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء!

محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!