مصر إلى أين؟



ما كان أحد في العالم يتوقع ما حدث في مصر بعد ثورة مجيدة وفقها الله في النجاح وانتشال الشعب المقهور سنين طويلة على ظهرها، والخروج به إلى بر الأمان، مع شهادة العالم كله القاصي منهم قبل الداني، وقيامهم بالفخر بهذا الشعب الذي سطر في صفحات التاريخ سلمية الثورة، وتلاحم الأيادي بالهلال والصليب، لا فرق بين هذا أو ذاك، فالكل سواسية في المواطنة، بالإخاء والتراحم فيما بينهم، والود والاحترام الممزوج بالخفة المصرية، وكنا نرى ومعنا الجميع كيف يحمي المسيحي ظهر المسلم، وكيف يتوضأ بماء يحمله له بيديه، كان حينها لا إخواني يقول أنا من صنعت الثورة، ولا سلفي ولا مسيحي يدعي ذلك؛ لأنه ببساطة كنا نشعر بانتمائنا وحبنا لهذا الوطن الغالي على قلوبنا، وكذلك الإعلام لم يتوانَ عن المدح في الثورة والذم فيمن سبق وخرج علينا بتبيان خبيئة النظام السابق، وما كانوا يلاقونه من إهانات، وغير ذلك كثير، حتى جاءت انتخابات مجلس الشعب والإعداد لها، وظهرت معها معادن الناس، ومخطط كل واحد منهم، على أنها فرصة أن يكون في المشهد وليس خارجه، ليس من أجل مصر؛ ولكن من أجل مصالح شخصية، والمحافظة على (بريستيج) عاشوا عليه كثيرًا بين الناس الذين كانوا يسعون به بينهم كآلهة تُعبد من دون الله.
من هنا بدأ التشكيك في الإخوان بطريقة بشعة جدًا واتهامهم بشراء الأصوات، وأنهم كاذبون ومدلسون، وليس عندهم عهود ولا وعود، وأشياء من هذا القبيل، ولن يُجدي ذلك مع الشعب الذي اختار الإخوان وفازوا بأغلبية مجلس الشعب، فكان لا بد من تغيير الخطة مع البدء بسيناريوهات معدة بقوة للوصول إلى الناس بفكرة أنهم أخطأوا في اختيارهم هذا الفصيل، وهذا ما بدأ يظهر ويطفو على الوجه الآن، وتكبير صورة المشهد الذي به معارضون للرئيس وجماعته على أن تظهر للعالم الخارجي والداخل على أنهم أكثرية، وهذا يدخل في نظام الخدعة البصرية، وأن حقيقة ما يراه البعض أن مَنْ يعارضون الإخوان مُحقون في ذلك، والتقليل ممن يؤيدهم وإبعادهم عن الصورة نهائيًّا بلعبة الإعلام القذرة، ونجد في المقابل الحقيقي، وفيه يرى الآخر أن المقصود هو الإسلام وليس الإخوان، فالإخوان هم فقط ذريعة لذلك ووسيلة للقضاء على الإسلام، وهناك مَنْ يسعى إلى ذلك، وظهر فعليًّا في هذه الأحيان أصحاب الثورة المضادة والدولة العميقة التي ما كان أحد في الدنيا يتوقع تجذر فسادهم بهذه الطريقة في مفاصل الدولة التي يحاولون أن يداروا عوارها وفضائحهم طوال السنين السابقة بقولهم "أخونة الدولة"، وإيهام الناس بذلك حتى يعارض الشعب أي إصلاح بحجة الأخونة، ويبقى الفساد كما هو؛ ولكن هذه المرة بشرعية الشعب، فبدأنا نرى ما يندى له الجبين من تغيير صورة رُسمت للمصريين عبر إعلام فاسد، وأفراد على الأرض مأجورين، ويسوق لهم على القنوات الفضائية أنهم ثوار، وشرعية ما يفعلونه على أنه من أجل اقتلاع الفساد، ولا أدري مَنْ المفسد ومَنْ المصلح!
المهم أرادوا إقناع الجميع بهؤلاء الشياطين بأن مَنْ يموت منهم فهو شهيد، على الرغم من أن الجميع يرى بأم عينيه أنه بلطجي يحمل السلاح الأبيض والأسلحة الخفيفة والخرطوش، وما حدث في بورسعيد والقاهرة وغيرهما من السويس والإسماعيلية وجميع محافظات مصر، ليس ببعيد، كذلك البذاءات التي نراها كل يوم، وآخرها ما حدث عند مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، ومهما كنا مختلفين معهم، لا يصح أبدًا أن يحدث ما حدث من قلة أدب واستفزازات قبيحة، فهل يستطيع أن يقول أحد ماذا يفعل لو جاء أحد إلى بيتك وكتب عليه "حظيرة الخرفان"؟!
بالله عليك ماذا تفعل! وكذلك للأسف أعلن شباب حركة "كفاية" عن المشاركة في مليونية الكرامة أمام مكتب الإرشاد، ولا أدري أي كرامة وأنتم المعتدون؟! أي حق وأنتم الظالمون؟! إننا نخشى الحرب الأهلية التي راهن عليها كثيرون في الخارج حتى تُحرق مصر وأهلها، أصبح كل شيء غير معروف. الجميع يتكلم في السياسة والدين والرياضة، وكذلك الجميع مستهدف. ذهبت المبادئ والقيم والأخلاق، وقد يشاركني البعض في هذا، ويعارضني البعض الآخر. أقول لمن يعارض: ماذا يعني حرق اتحاد الكرة؟ وما دخله بالسياسة؟ ما دخل المجمع العلمي في المعترك؟ ولماذا أحرقوه؟ لماذا يدافع صباحي عن بشار الأسد، وإيران، والشيعة؟ ولو تفحصنا الأمر لوجدنا ما على الأرض كما حدث عند المنصة يوم الجمعة 15 مارس الماضي أن شابًا يدعى "سبايدر" هتف بشبحية للأبد من أجل عيونك يا أسد، إذًا هناك تعاون واضح ومخطط معد من قبل من جهات خارجية بالتعاون مع أيادٍ داخلية في خراب مصر. أسأل الله أن يشل هذه الأيادي.
وأخيرًا.. اختزال المشهد في الإخوان، وإقناع الناس بهذا شيء خطير؛ لأن المقصود هو الإسلام، وكذلك كسر الجيش المصري العظيم بجره بأي طريقة إلى المشهد لمواجهة الإسلاميين، ومن ثم هم يواجهون الجيش، وهذا بكل تأكيد هراء وفكر شيطاني لا يستجيب له العقلاء أبدًا، وكل ما أرجوه من الشعب المصري أن يعي جيدًا ما يُحاك ضد بلده، وأن يقف بالمرصاد ضد هؤلاء المضللين المخربين، كما أرجوه ألا ينخدع بالإعلام الكاذب والسياسيين المأجورين.
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!