ما الذي يحدث في مصر ؟



اسمحوا لي أن أبدأ موضوعي بسؤال وأتمنى أن أجد أحدا يجاوبني ، ما الذي يحدث في مصر ؟ لقد تاهت عقولنا مع كثرة الأحداث وعظمها ، كما تاهت مع عالم الإعلام من قنوات فضائية ببرامجها ، وضيوفها الذين أيضا كلا منهم له فكره وطريقته في طرح القضايا ، والمقالات الصحفية في الصحف الورقية أو المواقع الإلكترونية ، لقد تُهنا وتاه الناس أجمعين وأخشى أن يكون هذا زمن التيه الذي حدث مع قوم موسى ( عليه السلام ) ، بعد أن أصبح الشعب المصري كله سياسي ، ورياضي ، وإداري ، وتنفيذي ، وتشريعي ، يفهم في كل شيء وقد يصبح ذات يوم طبيبا جراحا يُجري عمليات جراحية للمرضى بالمفهومية والحداقة  دون الحاجة إلى شهادة تخرج في كلية الطب ، فالميادين الآن كرهت الثورة من كثرة ما يحدث على أرضها من عدم فهم وانتهاكات بشعة الغرض منها الهدم وليس البناء ، منطلق منها حشود غفيرة بعدما تبدلت عقولهم وأفكارهم إلى مدمرين ومخربين ، كما حدث قبل ذلك في قنا ، وأطفيح ، وأسوان ، وماسبيرو ، والبالون ، ومحمد محمود ، ومجلس الشعب وما قاموا به لمنع دخول النواب المنتخبين من قبل الشعب وإثارة الفوضى العارمة الخلاقة ، ولولا المخلصين من الشعب المصري الذين قاموا بعمل جدار فاصل بينهم وبين المجلس كان حدث ما لا تُحمد عقباه ، ولكن الله سلم . إن ما يحدث شيء مخذ وعار يشوه مسيرتنا الثورية التي أسقطت نظاما تشبث في الحكم طويلا ، وأفسد الحياة بكل جوانبها ، بعد أن أصبح كنظام البعث في ظله خاف الأخ من أخيه حتى الزوج كان لا يأمن زوجته ، وما يحدث من شباب تأخذهم الحمية الثورية أحيانا والانتقام أحيانا كثيرة شيء يرفضه كل الشرفاء في مصر ، فما يحدث في المجال الرياضي خلال المباريات التي تقام بين الأندية  ليس له أي صلة بأخلاق المصريين ولا الرياضيين لكنها هي فقط لإحداث فوضى وإسقاط الدولة من الأساس ، إسقاط هيبتها أمام العالم بعدما تكلم عنها نفس العالم بالحضارة والرقي ، وحس بعض زعماء العالم دولهم بتدريس طريقة ثورة يناير للجيل الجديد ، للتعلم والاستفادة من هذه الحضارة العظيمة لهذا الشعب العظيم ، فاستكثروا هذا الحب وهذا الاحترام بخلق الفوضى للإثبات لهم بان هذا الشعب همجي ولا يصلح له الحرية بل يُحكم بالقمع وأياد من حديد كما فعل من قبل جمال عبد الناصر ومن جاء من بعده ، لقد تحركت الأيادي الخفية لذلك بكل قوة ، كما حدث من قبل في مباراة المصري والإسماعيلي ، وما فعلته الجماهير من فوضى عارمة حينها ، وتكرر هذا المنظر في مباراة الأهلي والمصري ، لكن هذه المرة مات تقريبا 74 قتيلا ، وأُصيب ما يقرب من 160 جريحا ، هذا أكثر مما يموت بالآليات الثقيلة ضد إخواننا في سورية ، وهذا يدل على وجود أسلحة دخلت الإستاد وتوجد عندهم نية مبيتة لذلك ، ويقال إن هذا بسبب لافتة رُفعت من جمهور النادي الأهلي بأن ( شعب بور سعيد ما فيهوش رجالة ) ، فمن رفع هذه اللافتة ؟ وماذا أراد بها ؟ وهل يستطيع الأمن والمخابرات أن يأتي برافعي هذه اللافتة ؟ أم سيبقى اللهو الخفي قائما ؟ وأبو رجل مسلوخة مازال موجودا ، فأنا أحمل أولا الداخلية المصرية هذه المهزلة الكروية المحبوكة المُفصلة تفصيلا دقيقا على مقاس الحدث ، فمن رأى المباراة يرى الأمن يتفرجون على من نزل من المدرجات ولو تم القبض عليهم ما حدث هذا أبدا ، لكنهم طبطبوا عليهم وكانوا يساعدونهم على تسلق المدرجات والعودة إلى أماكنهم سالمين ، هل هذا يعقل يا وزير الداخلية ؟ فأين تأمين الملعب ، وأنت تعلم بأن  مثل هذا حدث قبل ذلك من هذا الجمهور ، ذنب الموتى في رقاب المُقصرين سواء كانا من الجيش الذي يمسك زمام الأمور الأمنية الآن ، ومن وزارة الداخلية ، وأيضا العبء على الشعب الذي أعطى الفرصة للمخربين أن يلعبوا بعقولهم ، إن ما يحدث هو إسقاط جمهورية مصر العربية ، وإسقاط مجلس الشعب المنتخب ، وإسقاط دورها العالمي والإقليمي ، هل يعجبكم الآن دولة مثل قطر مع احترامي التام لها ولشعبها ولأميرها وما أقوله ليس إنقاصا من وزنها ، لكني أستصغرها أمام بلد مثل مصر العظيمة التي لا بد أن تكون هي القائدة العظيمة ، الأم الحنون لجميع الدول العربية وشعوبها ، والملاذ الآمن للعالم كله ، هذا البلد مهد الحضارات ، أرض الخيرات ، مسرى نهر من أنهار الجنة ، إن عيني تبكي لما تراه مصر وما نسمعه من العالم عندما يرونا ، فأنا مغترب عن مصر منذ فترة طويلة ، وأصحاب البلد الذي نحن فيه عندما نواجههم في العمل يستنكرون ذلك وهم في ذهول مما يحدث ، ويقولون معقول ما يحدث هذا ؟ معقول هذه ثقافة المصريين ؟ أصبحنا نرى نظرات الشفقة من عيون العالم تجاهنا ، فيا أهل مصر ارحموا مصر ، كفانا خسارة للنفوس والاقتصاد فقد ذكر جوال الشرق الأوسط اليوم الخميس 2 فبراير 2012 خسارة الأسهم المصرية 12 مليار جنيه في بداية تعاملات اليوم  في أول 5 دقائق ، فمن مصلحة من هذا ؟ اتركوا الانتقامات الشخصية ، انظروا ولو مرة واحدة إلى مصر ومصالح مصر ، وقبل أن أغادر مقالي أشكر القرار الحكيم من إداريي ناديي الإسماعيلي والزمالك بإلغاء المباراة  التي كانت تجمعهم قبيل انتهائها في إستاد القاهرة بعد نشوب حريق خارجه ، وقد أنهوا بذلك مجزرة قد يكون مخططا لها ، وترحمنا على الموتى ، والصبر والسلوان لأهاليهم ، وتمنياتنا بالشفاء العاجل للمصابين ، حمى الله مصر وأهلها من كل سوء!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

  1. أبو الطيب الحلبي3 فبراير 2012 في 9:53 م

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أبدأ بالإجابة عن السؤال الذي تم طرحه في بداية مقالكم هذا والسؤال هو:
    ما لذي يحدث في مصر؟
    وأجيب هنا بسؤال آخر: هل أسقطت ثورة يناير نظام مبارك؟.
    من هنا انطلق بإجابتي فأنا أرى أن ثورة يناير أسقطت رؤوس النظام من مبارك وولديه وأعوانه من صفوت ،وأستحي من نفسي أن أصفه بالشريف، وحبيب العادلي وأحمد نظيف وما إلى ذلك من هذه القائمة التي وقفت خلف القضبان وسقطت أمام إرادة شعب عظيم، ولكن هل هم هؤلاء فقط من كانوا يعيثون فساداً بأرض الكنانة أم أن هناك العديدين ممن يضعون الأقنعة وهم يشاهدون ما لا يسر خاطرهم من عهد جديد سيكون بإذن الله عهد خير وازدهار على مصر الحبيبة وشعبها الطيب، ما حدث من تخاذل لأجهزة الأمن، والتخاذل كان واضحاً لكل ذي بصيرة شاهد ما حدث في بورسعيد، لقد تواطئ الأمن مع الفئة المخربة التي استباحت دماء الأبرياء في مباراة رياضية، وأقف هنا لأقول لم أكن أنتظر من أحد أن يقول أن الروح الرياضية سقطت هنا من بعض المحللين فليست المرة الأولى التي يخسر بها نادي القرن وليست المرة الأولى التي يفوز بها البورسعيدي لم تكن للمباراة ونتيجتها برأيي أي دور في الأحداث بل كانت مطية لعصابة أفرادها كثر خططوا لها، فهم أرادوا أن يضربوا الثورة المباركة ونتائجها...
    فأنت عندما تشاهد أخوتنا المصريين يتابعون حياتهم اليومية بشكل طبيعي بعد الثورة بل وانتخبوا مجلسهم وبدأوا بتأسيس سلطتهم التشريعية بإرادتهم، ليس هذا فحسب بل إنهم تابعوا حتى نشاطاتهم الرياضية، هل يعجب هذا أذناب النظام...
    العالم كله يتحدث عن هذه الثورة وآثارها ونتائجها وبشائرها الإيجابية على المجتمع المصري فلابد بالنسبة لهؤلاء الثلة من بقايا النظام ، وبقايا هنا ليست بالضرورة أن تكون فئة قليلة بل ربما تكون كثيرة برأيي، لا بد لهم من ضرب الثورة بإثارة الفتن بين الشعب المصري ولكن هيهات هيهات الشعب المصري أيها المجرمون أوعى من أن يترككم تأكلون مما صنع، لقد صنع الحرية ولن يتخلى عنها أبداً، رأينا أناس كانوا وراء القضبان سجنوا ظلماً يجلسون اليوم ليديروا شؤون البلاد بكفاءتهم لا بمحسوبياتهم...
    خسئتم يا من تريدون بأهلنا في مصر الدمار فلن تنالوا إلا مصير فرعونكم، وأنتم يا أخوتنا بمصر إنهم يريدون أن يقولون لكم إن ثمن الحرية غال جداً فلا تستعجلوا الحرية وأرضوا بأنصاف الحلول وأعود لأقول خسئوا فمن تنشق نسائم الحرية لن يرضى بديلاً عنها...
    نسأل الله أن يتقبل شهدائنا في مصر وسوريا وكل شهداء بلادنا الإسلامية
    وأن يرحم أهلنا فلا رحمة ترجى إلا رحمة ربنا الرحيم
    وجزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!