هل بدأ خريف الاغتيالات في مصر؟


بدأنا نشهد ظاهرة تطفو فوق سطح الحياة اليومية في مصر كنا نخشاها دائما ، لكنها ظهرت بعد غياب طويل، الظاهرة تستهدف شخصيات مهمة ومؤثرة فكريا وسياسيا وكذلك عسكريا وقياديا، وهذا يتم بغرض اقتلاع جذور المُغتال من حلبة الصراع لمصلحة جهة معينة سواء كانت هذه المصلحة حكومية كما حدث مع حسن البنا الذي قُتل على يد قاتل يركب سيارة الأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما ذُكر حينها، أو اغتيال لمصلحة شخصية لضمان عدم التكافؤ وجني الثمار سريعا، والتكشير على الأنياب وإظهار العين الحمراء لمن تسوِّل له نفسه أو تُحدثه جرأة وطء أرض ليست بأرضه وفرضية الندية منه لهم ، إن هذا من أجل خلق مزيد من المتاعب لدى الناس وبث القلق والرعب في قلوبهم ، وتحقيق مخططهم بيسر، وعادة ما تُنسب عملية الاغتيال  ضد مجهول أو يتم تلفيقها لأحد من التيارات الإسلامية أو أحد المختلين عقليا حدأحتى يظل الملف مفتوحا إلى الأبد، و يظل  اللهو الخفي موجودا خاصة مع الأنظمة الفاشية المستبدة ، أو يكون الاغتيال من جهات إجرامية خارجية بمساعدة جهات داخلية بتجنيد أناس أصحاب فكر مغلوط  أو أناس مُعدمين حياتيا لا يعرفون شيئاً عن الوطنية  وبسهولة يرتضون لأنفسهم العمالة وبيع الوطن والأهل من أجل حفنة من مال ، وقد يعود الاغتيال لأسباب عقائدية كما حدث من قِبل الجيش الإسرائيلي بقتل الشيخ احمد ياسين عام 2004 م ، أو فكرية كما حدث مع "جبران غسان تويني "عام 2005 وهو صحفي مشهور بمعاداة الوصاية السورية على لبنان وقيد الحادث ضد مجهول، أو لأسباب نفسية كما حدث مع "مارك شابمان "عام 1980 م عندما قام باغتيال "جون لينون كان" المطرب الشعبي المحبوب في نيويورك ، كما تعرض "رونالد ريجان " لمحاولة اغتيال على يد جون هنكلي في نفس العام ، من هذا نرى أن نظرية الاغتيال قديمة وما زالت موجودة ، ضد أصحاب الفكر من العلماء والفلاسفة والسياسيين البارعين عن طريق الاغتيال المعنوي والنفسي الذي هو أكثر وحشية من الاغتيال والتصفية الجسدية ، ويوجد اغتيال لإشباع رغبة دونية كما حدث مع قابيل عندما قتل أخاه هابيل ، ونرى أيضا عند اجتياح الجيوش الرومانية أرض فلسطين وإنهاء مملكة يهوذا عام 63 قبل الميلاد قامت مجموعة الزيلوت باغتيالات واسعة في صفوف الجيش الروماني بالخناجر، وفي القرن الثالث قبل الميلاد تعرض الإمبراطور الصيني شي هوانغ للاغتيال من قبل شخص يدعى جنك كي لكنه فشل في المهمة،  كما تم أيضا في فترة قبل الميلاد  عام 382 قبل الميلاد عملية اغتيال فيليبوس الثاني المقدوني على يد أحد القائمين على حراسته وزاد لغطا واسعا حول زوجته وابنه الأكبر بتدبير هذا الاغتيال ،  أما في العصور الفرعونية تم اغتيال توت عنخ آمون و إخناتون بسبب  التوجه إلى توحيد الآلهة إلى إله واحد وهو آتون  ، وفي القرن السابع عشر اغتيل بطرس الثالث وإيفان الثالث ، وفي بداية القرن الثامن عشر قُتل "بولس الأول " كما اغتيل إسكندر الثاني  عام 1881 م ،  والعصر الإسلامي ليس بمنأى عن الاغتيالات فقد اغتيل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم ، وفي عصرنا الحديث اغتيل أحمد ماهر 1945م ، والنقراشي 1948م ، وعبد السلام عارف 1966م ، والملك فيصل  1975م ، والزعيم أنور السادات 1980م ، ورفعت المحجوب 1991م ،  كمال جنبلاط  1977م ، جون كيندي 1963م، ومارتن لوثر1968م، وكينج مالكوم اكس 1946م ، واغتيال الحريري 2005م ، واغتيال كاظم المنشد في أحد السجون العراقية عام 2011 م ، واغتيال العالم السوداني الفذ خليل إبراهيم ، واغتيال بناظير بوتو وهذه فيها شبهة كبيرة تحوم حول برويز مشرف ، حقيقة القائمة كبيرة جدا ولم تنته طالما لغة المصالح موجودة ، إن هذه النماذج تُبين أن عملية الاغتيال هي لأغراض مسمومة دائما ، ونخشى أن تنتشر في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر ، وضرب الاستقرار الذي يُزعج المنتفعين خاصة رموز النظام البائد وأعوانه الذين ينعمون بالحرية المطلقة سواء داخل السجون أو خارجها ، يخططون وينفذون بسهولة ، خاصة مع هذا الضعف الأمني الذي لا ندري إن كان مُفتعلا أم أجبرنا على قبوله؟ وكلاهما خطر كبير يحتاج إلى حل جذري وبسرعة . وما تعرض له الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح المحتمل للرئاسة قد يكون بداية هذه السلسلة ، هو والنائب في البرلمان المصري البرنس الذي نجا بأعجوبة من الحادث الذي تعرض له ، والغريب في الأمر أن الحالتين في اليوم نفسه، وما يثير الدهشة أن يتم القبض على الجناة وينكرون معرفتهم بهذه الشخصيات ومن ثم يحول الحادث من إجرامي إلى عفوي وغير مدبر وهذا حدث مع عالم الذرة المصري سمير نجيب 1967م بالطريقة والإجراء نفسه، نعم لا بد من إحسان الظن ، لكن ما نخشاه أن يكون هذه رسالة واضحة لكل من يرشح نفسه لهذا المنصب أو ذاك، ويصبح هذا المتواتر في الأيام المُقبلة في الحملات الانتخابية للمرشحين على الرئاسة ، كما حدث مع عمرو موسى في الشرقية وحصار النادي الذي كان يعرض برنامجه فيه ، وبهذا يمل المرشح ويأخذ موقفاً ضد المحافظة ومن ثم تسقط من حسابات الناس كما حدث من قبل لبورسعيد، إن الشعب المصري أذكى من هذا بكثير ويستنكره ويُناشد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الرجل الصارم المخلص أن يبذل قصارى جهده لكبح هذا التقدم الإجرامي وبتره نهائيا، حتى تدب الطمأنينة في قلوب الناس لعدم وجود خريف الاغتيالات في بلدنا الحبية، ونحن نثق بقدرتكم على اجتثاثه من جذوره ، والشعب المصري معكم تتشابك يده بأيديكم لإعانتكم ولا تختزلوه في القلة القليلة الذين يحاولون النيل منكم والتقليل من شأنكم ، وهذا الشعب يعي أيضا أن قلة من الشرطة يشوبهم التلوث بالنظام السابق لكن الكثرة شرفاء ويحبون وطنهم ، عاشت مصر وحماها الله  وحفظ كل مواطن شريف!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com




تعليقات

  1. ندعو الله للشعب المصري الشقيق مزيد من الاستقرار والتقدم والبعد عن مايسبب الفرقة والشتات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!