الرضا المستعصي !



قال ياقوت الحموي في معجم الأدباء "رضا الناس غاية لن تُدرك"، فمن يظن أنه قادرٌ بحالٍ من الأحوال أن يرضي الناس أجمعين بقول أو فعل فهو واهم وغير واقعي، إذاً الركون عند هذه النقطة هو مضيعة للوقت وإهدار للطاقة المنبعثة من دفق الثورة والحكم على هذه الروح النشيطة بالإعدام وفي ذلك خدمة لسدنة النظام السابق ومن يبحث عن عودتهم للمشهد ثانية.

 ولذلك من الرجاحة والعقل والبديهة أن نعمل ونسير للأمام وعدم الإلتفات للخلف والجِدّ في ذلك بتفاني وعزيمة لا تلين ونُجاهد بكل غالٍ ونفيس؛ ألا ينطفئ نور الثورة الذي أريقت من أجلها دماء الشهداء، وطُرحت على الآسرة البيضاء المصابين من أجل هذه الثورة التي حبانا الله بها ووفقنا في إنجاحها.

 إن الثورة تظل على الدوام شمعة تُنير دروبنا للوصول إلى الهدف المنشود، وهو رفعة هذا البلد وجعله منارة الأمم وقائدًا لها والقيام بالدور الريادي وعندها سيندم من قام بشخصنة القضية أو حزّبَها لطرف ما يعمل جاهدًا ليكون هو قُبطان السفينة رافضًا أن يكون مساعدًا أو دليلًا يقتاد به الجميع لأنه مريض نفسي بالأنا .

إن ما يحدث في مصر الآن شيء غريب ولم يكن متوقعًا أبدا ممن قاموا بثورة عظيمة أسقطت فرعون له جزور متشعبة في كل أرض الوطن ولم يخطر ببال أحد مهما كان توقعه في اليقظة أو المنام أن يخلع هذا الفرعون، ولا تُحدثه نفسه بذلك، لكن عندما تشابكت الأيادي والتصقت أظهر الشعب ببعضها البعض قُذف الرعب في قلب فرعون وجنوده فخارت قواه وفَر من القصر بعدما هتف الثوار سويا "بعد العصر هنروح القصر" وذهب إلى "شرم الشيخ" لترتيب أوراق الدولة العميقة لبث الضغائن والأحقاد والفتن وفعلًا نجح نجاحًا كبيرًا في ذلك حتى الآن بعدما قالها صريحة أنا أو الفوضى العارمة التي هي سائدة الآن، وصراحة قد أراد البعض إخفائها أن للجيش موقف في غاية الشجاعة بانضمامه للشعب ولفظ الفرعون.

 مع ذلك نسمع الآن أصوات تُنادي بمحاكمة قياداته واتهامهم بالخيانة والصفقات مع الإخوان وكان للدكتور "معتز عبد الفتاح " رأي في ذلك أن العسكر حاول بكل ما يملك إبعاد وإقصاء الإخوان لكنهم ما استطاعوا وأستبعد أن تكون هناك أي صفقة بينهما من أي نوع، نجد أن هذه الإشاعات المُغرضة انتشرت بعدما وجدت التربة التي تنبت فيها وقابلية العقول التي تستقبلها، والتشويش على استقبال أي إشارة تدل على التقدم والرقي وعدم قبول أي حديث عن الإيجابيات حتى لا يتم الرضا عنه.

إن التشكيك المتواصل في الأداء والوطنية للإخوان والرغبة العارمة في إقصائهم وهذا عكس الديمقراطية التي ينادون بها، حتى معظم البرامج في القنوات الفضائية تُعد من أجل الإقصاء وتشويش فكر المشاهد وترسيخ في عقله عدم إمكانية الإخوان على قيادة مصر وتقدمها مع أن الجميع أشاد بأداء الرئيس" مرسي" ، الذي قاله عنه الدبلوماسي الإسرائيلي "أيلي افيدار" أي الرئيس مرسي يبدو بعد مرور شهرين على انتخابه برز نجمه كسياسي بارع ومُحنك، لا يُقيد نفسه بأيدولوجيات أو تحالفات معروفة، ويعرف كيف يبعد خصومه عن طريقه، في المقابل قال "عادل حمودة" أن تصريحات مرسي أحيانا تكون انفعالية ولا بد من مراجعتها، وقال "صباحي" إن فكر "مرسي" لن يحقق العدالة الاجتماعية وما أدري ما مفهومها عند "صباحي"؟ من الظلم أن يعرف  العالم كله قدرات الرئيس ولا يعرفه بنو جلدته ألا يقرئوا صحيفة "الواشنطن تايمز" الأمريكية أن تحركات "مرسي" منذ توليه رئاسة الجمهورية وضع نصب أعينه مهام عدة وليست مهمة واحدة يسعى لتحقيقها، ووصفته بأنه القائد الجديد الذي لديه خطط ضخمة من أجل النهضة.

 كما أشادت الصحيفة بزيارته للصين أكبر ثاني اقتصاد في العالم لدعم الاستثمار وتقوية العلاقات الدبلوماسية، وزيارته إلى إيران بعد قطيعة 30 عامًا، الأمر الذي جعل محللي العالم يقولون أن مرسي يعد لاعبًا جديدًا في الشرق الأوسط يحظى بالمصداقية وجميع مبادراته لإظهار قوة مصر واستقلالها.

 وقالت صحيفة "الوول ستريت جورنال" الأمريكية أن الليبراليون يشكلون تحالفًا لمواجهة الإسلاميون بعد الخسارة التي مني بها الليبراليون أمامهم في الانتخابات الماضية" ، وهذا بالتأكيد سيكون عقبة قوية في طريق نجاحهم لأن هناك شعور كل حزب أنه هو الأقوى وفرصته في الفوز أكبر من غيره، وهنا يجد القارئ معي أن الهدف هو الشخصنة والحزبية وليس صالح مصر لأنه لو كان هذا التنافس لمصلحة الوطن كانوا وضعوا أيديهم بيد الإسلاميين للنهضة والتقدم والرقي دائمًا وأبدًا، لذلك نجد أن الإخلاص له دور كبير في النجاح، فعلى النظام الحالي أن يسير إلى الأمام ولا يلتفت إلى الوراء ولا ينتظر من بالخلف لأنه يحمل أعباء كثيرة تعطل التقدم، لابد أن يعلم النظام الحالي أنه من المستحيل أن يرضي الجميع لأنه ببساطة النجاح والتقدم يقلق البعض منهم كثيرًا، كان الله في عونهم على الحواجز والمثبطات التي تُبذل ليلًا ونهارُا من أجل إسقاطهم، حفظ الله مصر وشعبها المخلصين !

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!