لحظة صعبة على النفس!


 

كانت لحظة صعبة مرت على نفسي عندما تجرأت وذهبت إلى المكان الذي كان يسكن فيه أحبابي، وقفت بالباب وعيني شاخصة إلى السماء ويدي ترتجف وهي تحاول أن تُخرج المفتاح من جيبي ، فقلت ماذا يحدث؟ فأوجست نفسي فوقفت تائها متربصا ثم أخرجت يدي خوفا من صدمة تروعني ، وقررتُ أن أعود من حيث أتيت وأدبرت وأعطيت الباب ظهري ثم هممت بالانصراف وقلبي يقطر على أيام قضيتها هنا ونفسي تراودني على الدخول تارة وأخرى أن ارحل، لكن توصلت إلى أن أبعد عن المكان ومرت الأيام واضطررت أن أعود إلى البيت لحاجتي إلى أيام خوالي يرق لها قلبي وحاجة أخرى في نفسي وعند وصولي فعلت كما من قبل، لكن هذه المرة وبعد لحظات استطعت أن أمسك المفتاح بيدي فأخرجته ثم فتحت الباب فوجدت الظلام دامس كالليل البهيم ، فرفعت يدي وأنرت المصباح ولكن ضوئه ضعيف لم يُعجبني فليس هذه عادته لأنه دائما كان ينير المكان جيدا ، قولت عسى أن يكون يوجد خلل في الضغط الكهربائي فتجاهلت ما حدث ودخلت إلى داخل بيتي الذي كان جنتي، وجدت الجدران تسألني والأثاث ينعتني والمصباح رفض أن يُنير لي غرفتي ، كل ما في البيت ثار عليّ ورفضني وأبى أن يستضيفني وطلب مني الرحيل فلا عيش لي بين جدرانه وتحت سقفه وحدي، فقلت يا ليت الباب لم يُفتح ولا قدماي حملتني إلى هنا ، فهممت بالخروج فسمعت سرير أبني يقول انتظر قليلا حتى أذكرك بما مضى اسمع وتذكر وستدرك جيدا خطأ المجيء إلى هنا دون روح تسكن في جسدك أنظر فوق ملايتي وعلى الوسادة هذه شعرة من رأس ابنك الذي قررت من أجل الدنيا أن تتركه، هل رأيت لباسه الذي كان يرتديه عند نومه؟ هيا خذه وامسح به دموعك وأجعل أنفك تشم رائحة عرقه التي هي كالمسك الجميل، ثم صمت وعندها بدأت أتذكر كل لحظة وأنظر لكل مكان في المنزل وأركانه، أحدث نفسي وأقول لها كانت هنا تجلس حبيبتي وهنا كان يجري ويلعب أبنائي وهنا كنا نجلس نحكي قصص وهنا كنا نأكل سويا وهنا كنت أجلس وأشاهد "تومي وجيري" حتى أدمنت مشاهدته معهم ، وهنا السفرة التي كنا نجلس عليها أنا وحبيبتي مع أبنائي ، ثم رفعت عيني قليلا فلمحت باب المنزل فتذكرت لحظة عودتي من العمل وبصوت واحد اسمع من أولادي "جاء أبي" وأيديهم تتسابق إلى الباب من الذي يفتح أولا ويحصل على الحضن الأبوي الذي معه يفوح جمال عطر كلمة وحشتني يا بابا حينها يخرج كل تعب النهار ومشقة الحياة وتدب الطمأنينة في الروح مرة أخرى، ثم تذكرت قُبلة كانت تُرسم على يدي ثم على خدي وجبيني ثم يتعلقون بأيديهم في عنقي، تذكرت النور الجميل الذي كان يأتي من خلف أولادي عندما يستقبلوني الذي لم أرى مثله أبدا في صفاءه ونقاءه، كان يبث الطمأنينة في قلبي بابتسامة الشوق من حبيبتي حين ذلك أدركت من كان يشع الضوء في بيتي هي ابتسامة حبيبتي وليس ضوء المصباح كما كنت أعتقد، فبكيت ثم خرجت مسرعا خوفا من طوفان الهم أن يقتلني، لكن جمال الذكريات لا تسمح لي أن أمشي فعُدت مرة أخرى حتى أنام في المكان الذي نام فيه حبيبي وأولادي وتحديت الطوفان فلا عيش ولا حياة دون الحبيب الذي كنت من نظرته أرتوي وتذهب الهموم بلمسة يدها التي كانت بلسم الجروح كلها.

 أحبابي الحياة من دونكم مستحيلة ولا يستقيم الجسد من دون روح ولن يُرى جمال الورد إلا بعين مُبصرة، ولم يتنفس الصباح إلا بفج، ولن يشع الضوء إلا بشمس، فلا حياة لي إلا بكم ولن أسمح لنفسي أن أجلس في مكان لستم معي فيه، حبي لكم ليس له حدود وإنني أعشق كل لحظة ارتبطت بكم أريد أن أسير في كل شارع سعت فيه أقدامكم، وبأعلى صوتي أقول للشجر وللحجر نعم أعشق كل شيء لمسته أيدي أحبابي، سأذهب إلى كل مكان ذهبتم إليه وجلستم فيه وأحكي قصتي للأشجار التي كنا نجلس اسفل منها وبأوراقها أمسح دمعتي، لن أنسى عندما جُرح فؤادي وكُسر خاطري عندما مررت بحديقة يلعب بها أطفال ورأيت طفل صغير يلعب مع والده ثم حمله وألقاه في الهواء وهو يصرخ ليس لخوف ولكن لزيادة محبته في قلب أبيه كما كان يحدث معي وأنا ألاعب أبني، لن أنسى تلك اللحظات الصعبة التي أتعبتني وعذبتني كثيرا ولن يذهب هذا العذاب حتى ألقاكم وتكونوا في أحضاني، وتعلمت الدرس جيدا فلم ولن تفارقوني مرة أخرة يا أحباب قلبي ومهجتي، جمع الله شمل كل الفرقاء وكل الأحباب وأعاد الله كل مفقود إلى حضن أهله، عاش الحب بين الجميع وعاش الجميع بالحب!

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

  1. ربنا يرجعهوملك بالسلامه ويارب يخليلك اولادك وتعيش ويكبرو وهما بين احضانك ويارب تتجمعو وماتتفرقو ابدا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!