لماذا حُرم بدو مصر أنسابهم وهل سيبقى الحال على ما هو عليه ؟



لا ندري لماذا حُرم الأعراب في مصر ( البدو ) من وضع لقب العائلة والقبيلة التي ينتمون إليها في بطاقة الأحوال الشخصية وجميع الأوراق الثبوتية ؟ وهذا الشيء له مميزات كثيرة جدا ومنها ارتباط الفرد بقبيلته التي يفخر بها أمام الجميع كما أنها عملية تنظيمية يستفيد منها رجال الأمن في حدوث أي ملاحقة أمنية أو طلب إحضار لأي سبب من الأسباب ، عند ذلك يُتجه مباشرة إلى شيخ القبيلة ليكون المسؤول عن إحضار الشخص المطلوب وهذا بالتأكيد يوفر الجهد للجهات الأمنية وبالتالي ضمان عدم تجاوزات من رجال الشرطة تجاه أهل وذوي المطلوبين للمساءلة أو غير ذلك .

 وبالمقارنة في العائلات الكبيرة المصرية نجد لقب العائلة في سجلاتهم المدنية وبطاقاتهم الشخصية مثل (الجوهري) ، (الشبراوي) ( العياط) فضلا عن وجود أسماء عائلات كثيرة لا أستطيع حصرها كلياً،تفرض أسئلة منها هل هذا يكون من حق فصيل وحرام على الفصيل الآخر ؟ أم هو فقط ظلام عقول تاهت فيه الأفكار وضلت الطريق الصحيح في إنصاف كل من حُرم ثدي هذا الوطن كثيرا ؟

 إن البدو قد مروا بأوقات عصيبة تجرعوا فيها كل ألوان  الظلم والاستبداد  والإقصاء من المشهد بل من الحياة المصرية كلها  مع تنامي بل تسيّد النظرة الدونية تجاه هذا الفصيل الأصيل من هذا الشعب العظيم والذين قدموا شهداء في جميع الحروب التي مرت على مصر فمنهم من هُجِّر أثناء 1948 وعام 1952 وعام 1967 وبقي تحت الاحتلال كثيرا ومنهم أبى أن يترك الأرض للمحتلين يمرحون بها كما يشاؤون ليصبحوا شوكة تغص حلوقهم حتى جاء نصر أكتوبر حيث كان لهم فضل فيه لا ينكره إلا جاحد أو ظالم .

 لقد لاقى البدو الأمرين من الاحتلال وللأسف أيضاً من بني جلدتهم أصحاب الدين الواحد والعروبة والوطنية لمصر التي يحملونها في شهادات ميلادهم وعقولهم ودمائهم وفي بطنها أجساد الأبطال من ذويهم ،للأسف عانى البدو التمييز والحرمان في أشياء كثيرة منها على سبيل المثال في وقت من الأوقات حُرم أبناء البدو من دخول الجيش المصري وحُرموا الدفاع عن وطنهم ،إذ إن البدو كانوا دائما في خط الدفاع الأول في سيناء والسويس والإسماعيلية والشرقية وقُتِل منهم الكثير وروت الأرض المصرية دماؤهم من أجل الحرية والسيادة المصرية الكاملة ودُفن كثير منهم أيضا أحياء تحت التلال وفي الوديان والجبال لا يعرف عنهم أحد إلا الله .

 إن النظرة الحقيرة تجاه البدو تجعلهم يتألمون ويزمجرون زمجرة الأسد المسجون داخل قفص صُنع بأيد أهله وأحبابه الذين نسوا حقهِ ، الواجب على هذا الوطن الذي هو جزء لا يتجزأ من أساسياته وبنيانه المرصوص ، لكن شيم هذا الأسد أجبرته على التحمل لأن يقينه  إن هذا القيد لا بد أن ينكسر ولا بد أن يزول هذا الظلم مهما طال وألا يتأبد ولا بد من يوم نسير إلى العلا والمجد يخضع للكرام ويسجد ، هذا كان نبراس الأعراب وضياءهم في ظلمة ليل صنعه بنو جلدتنا .

 كنت أرى بأم عيني خوف بعض رجال الدولة الذين يرتقون بعض المناصب أن يبينوا علاقاتهم بأصدقائهم من البدو خوفا من مساءلتهم التي قد تصل إلى التسريح وارتداء (الجلابية)   ولا أدري لماذا هذا كله؟ هل هي نظرة تخوين أم عدوة سيئة يخافون منها على هؤلاء الذين رأوا من البدو من كرم وأخلاق ووطنية وأمانة وشهامة ؟ نعم إنهم عرفوا ما لا يعرفونه أصحاب العقول المظلمة الذين تركوا آذانهم تسمع عن ولا تسمع من ، وهذا ظلم بيِّن الذي أفرز هذا الحقد الدفين.

 أعتقد أن على رئيس الجمهورية الحالي وفقه الله أن يعي أهمية هذا الملف جيدا ويحاول أن يوجه من ينوب عنه بالحوار والجلوس مع شيخ كل قبيلة ويقف على منغصات حياتهم ومشاكلهم ويهتم  بمطالبهم، وقبل هذا كله لا بد أن يعرف الجميع أن المشاكل لن تُحل إلا بهذه الطريقة وليس بالطرق الأمنية العقيمة التي تضرب الجميع دون استثناء ودون تمييز .

 وأقترح الآتي ، أولا : إضافة اسم العائلة والقبيلة في السجلات المدنية ، ثانيا : عمل إحصاء لجميع أسماء البدو في أنحاء الجمهورية عن طريق شيخ القبيلة وكبراء كل عائلة ، ثالثا : الاهتمام بهؤلاء لأنهم يملكون عقولاً جبارة والاستفادة منهم في جميع المجالات، رابعا : تمليكهم أراضي زراعية يزرعونها حتى لا يضطروا للإتجار في السلاح والمخدرات ، خامسا : الاهتمام بالتعليم حتى نضمن عدم الأمية التي تفرز  مجرمين .

كما لا بد من تغيير النظرة السيئة إلى البدو من الشمال إلى الجنوب مرورا بالوسط ولا بد من الاعتراف بإنسانيتهم والآدمية التي هي موجودة رغم أنف من أبى، على المسؤولين الاقتراب والنقاش وتقديم الخدمات وهذا ليس منةً من أحد بل واجب تجاه هؤلاء المواطنين المخلصين الذين قدموا مثلما قدم الجيش رغما عن عدم قبولهم في هذا الجيش العظيم في الوقت الذي استُبعدوا  فيه ، علما بأن شهامة هؤلاء البدو لا تجعلهم ينتظرون تكليفا من أحد  لأن الوطن ملك الجميع وحبه يسري في عروقهم مختلط بدمائهم والشجاعة هي عنوانهم ، وكما قال (عنترة بن شداد) (إذا كَشَفَ الزمانُ لك القناعَ ومد إليكَ صًرْفُ الدهرِ باعا فلا تخشى المنيًة والتقيها ودافع ما استطعت لها دفاعا )، ولذلك أرى أن الواجب يُحتم على المسؤولين الاقتراب من البدو حتى يستفيدوا كثيرا ، حينها ستشم أنوفهم أذكى رائحة وأطيبها من هؤلاء أصحاب الهمم العالية و أهل الشجاعة والكرم وجراب الخائف ودواء كل سقيم عاش البدو أحرارا وحفظهم رب البرية من كل شر وجمعهم بإخوانهم المصريين الذي فرقت بينهم الأنظمة السابقة .

وأخيرا : أتوجه بسؤال إلى رئيس الجمهورية : هل سيطول حرمان البدو من حقوقهم ويبقى الحال على ما هو عليه؟

محمد كامل العيادي

Alayadi_2100@yahoo.com

 

تعليقات

  1. الحق كل الحق ان هناك الكثير من المصريين مهضوم حقهم منذ عهد ليس البدو فقط فهناك من يعيشون ف الظلمات ف اقاصى الصعيد ومعدمين تماما ولك الحق فيما يخص البدو واى فصيل مصرى اخر فهذا مانبحث عنه منذ ات قمنا بالثورة حق المهمشين والمهضوم حقوقهم نريد ان يكون منك اناس كتيرة ليطالبو بحقوق ابناء وطنهم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!