عذرا حبيبتي مصر



مصر أحبك بكل أحاسيسي وتشهد على ذلك أنفاسي وكل كياني ، و يفيض دمعي وتنهار معها جدران روحي عندما أبعد عنك وهي تجرف آمالي ومستقبلي الذي رسمته بعينيك ، وتَمحو آثار يديك وهي تلفني بكل الحنان , أرى الأحلام تنهار بطلوع شمس الغربة وهي تقصيني عن أرضك ، وأظل أثير التفكير في طفولتي وأنا ألعب وأرسم على أرضك الطيبة ، وأشعر أنك تداعبيني وتلعبين معي ، وأذكر طيبات أرضك غذاء ودواء لنا ، قبل أن يملئونها أولادك العاقين سموماً لحفنة من أموال باعوك بها ، مصر حبيبتي ونور عيني اعذريني على تقصيري عندما تركت من يغتالك واكتفيت باستنكار واستهجان دون تحرك مني، اكتفيت بالهوان وهذا أهانني كثيرا كلما تذكرته، وعدم شهامتي وعلى الجبن الذي صاحبني فترات كبيرة،مصر حبيبتي كنت أراك تدمعين أمام عيني وأتجاهل وتنظرين لي لأفهم وما كنت أفهم ، وتئنين لأحس وأنا فاقد هذا الإحساس ، تجمدت مشاعري وأحاسيسي ورجولتي ونخوتي مع إني أعلم وأشهد من يعقك ، كما رأيتك تمرين بسنين كسنين يوسف وأنا أبكم أصم معاق الفكر،معاق الأحاسيس لا يتحرك أي شيء عندي ، متُ وماتت نخوتي وارتضيت هذا كله ،ومن اجل ذلك أقول لا أستحق حبك ، نعم كنت أدمع لظلمك ولكنه لا يكفي ، رأيتك في اعتقالك بيد أبنائك ، وهم أحرار يأكلون من خيرك ويتمتعون بأموالك ويظلمون الناس باسمك ، وكنت لا أتكلم ولو بكلمة نفي . رأيت نهب ممتلكاتك ومقدراتك وكنت أُبارك ذلك بسكوتي ، رأيت هوانك في عيون الناس بفعلتنا ، نعم أقولها بصدق لنفسي ولكل من يشرب من نيلك الماء السلسبيل العذب ، ويلتحف رموش عينيك من برد الدنيا وأذاها، كنا عالة وندعي الحب كلنا لمصر ، حتى جاء أحباب لك غيري ونفروا واستشاطوا عندما رأوا القيد في يدك ، قدموا أرواحهم فداء لك ،  فهم الذين يستحقون حبك لأنهم أحسوا بما لا أحس به ، وقد هرمت وابيض شعر رأسي ولم أتحرك وانحنى ظهري وأنا أرى الظلم وكأني لم أر، بل زدت الطين بلة وهربت كي لا أرى الحقيقة وهي أنك  تتعذبين ، فلا يهمني وضعك وما يؤذيك خوفا من انتفاضتي ومن ثم أذيتي ، ثار الطفل والشاب والفتاة وأيديهم متشابكة لنصرتك ، وفك قيدك وقدح الظالم ودحره بما يستحق ، رأيت المسلمين والمسيحيين وهم يمسحون دمعتك ، ويمسحون غبار الظلم من وجنتك أيتها الغالية ،رأيتهم يسطرون بدمائهم ذكريات للأجيال القادمة محبتك ، بعد أن أقسموا بألا يرتضوا مرة أخرى قيد بيدك  ، ورأيت الابتسامة بدأت ترتسم على وجهك ،وأحبابك الثوار يقضون على كل من أهانك واستغل طيبتك وحبك الكبير،عندها بكيت كثيرا على الدور الذي لعبته في الخذلان والهوان ، واستصغرت نفسي أمامهم ، وقد أعطوني درسا في معنى الحب ، بأنه ليس كلمة تقال باللسان ، بل ببذل الروح والمال والولد من أجله ،  فليس شعارات ترفع وكلمات تُكتب ، إنما إحساس من القلب وفعل وواقع  ، فعذرا يا مصر حبيبتي واقبليني كما كان ، ولا تقصيني فحياتي بغيرك مستحيلة ، تجاوزي عن أخطائي بل أُكرر اعترافي  بتأخري وبعدي عن نصرتك، وبعهدك يا حبيبتي بأنني لن أتهاون مع من يهينك بعد اليوم ، وستبني أيادي أبناءك المخلصين مؤسساتك ويحفرون اسمك من نور ليضيء دروب العالم ، وسيعود الأمن والأمان لأبنائك ويبنون ما هدمه المخربون ويحمونك بأرواحهم ، وستظل أحضانك للغريب قبل أبنائك يا مصر يا أم الدنيا ، ستعودين كما كانت أرض الكنانة ودرع العرب والمسلمين ضد أي معتد، وسنبني جسور المودة ونروي أرضك بدمائنا فداءً لك ، وستكونين الحضن الحنون لكل مهموم من أبنائك وكل من يقصدك ، عذرا حبيبتي سامحيني عذرا حبيبتي سامحيني  ، قُطعت يد من أرادك بسوء ، حفظك الله وبقيت حرة  دائما وأبدا وعاش أبناؤك أحراراً .

                                                              محمد العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!