الأهداف التي لم تنتهي !


حياتي قاربت على الفناء وأنا ما زلت اصر على الفراق، ما زلت أعبث في صفحات حياتي، أكتب فيها انشغالات وأماني لا تنتهي، أركض بسرعة إلى الأهداف التي رسمتها وعندما أصل إليها أطوي صفحتها ثم أكتب في أخرى تليها، ألملم المال الذي هو اكثر ما يسعدني، انتهت حياتي وانا ما زلت تائه حيران لا أدري ماذا أفعل؟  تاهت البسمة من صفحات حياتي وسادت الدموع على كتاباتي، ارتجفت أركاني هُز جسدي كاد أن ينتزع فؤادي من بين أضلعي، قد أوشك رصيد حياتي على الانتهاء وأنا ما زلت أركض لتحقيق أهداف فانية، نعم فانية.. الأهداف كلها فانية لأنها باطلة أخذت حياتي أخذت صحتي قضت على حبي، أبعدتني عن الإحساس بنفسي لقد أقصتني من مجتمع السعادة، الأهداف جعلتني ألا استمتع بالنظر إلى ابني والى ابنتي وإلى أهلي جميعهم، حرمتني هذه الأهداف أن أفرح كما فرح كثير من أصدقاء عمري، منعتني الأهداف أن أعرف معنى السعادة في وطني، منعتني أن أحسب سنوات عمري حتى وصلت إلى أنني لم أصدق ما قُضي منه أنه مني، كنت أحلم بحياة سعيدة دون عناء دون عذاب دون دمعة واحدة من العين، لكن ماذا يفيد البكاء وهل البكاء يعيد اللحظات الجميلة التي مضت؟ هل تعيد الوقت الذي كان فيه الابتسامة عنواني والحب يروي حياتي والسعادة هي مفتاح دروبي؟ كنت أحلم ببيت يملأه أبنائي ونعيش سويا يوما نشبع فيه ونجوع يوما آخر، نشعر معا بمعنى الأسرة وحياتها المتضامنة، نجتمع سويا لصد الحزن عنا وعن جنتنا التي نعيش فيها، نكتب ذكرياتنا على صفحات قلوبنا البيضاء المليئة بالحب والإخلاص فيه، نرسم طرق السعادة لأبنائنا بعدما نسقيهم من نبع الحب الصافي الذي في قلوبنا، نُدرسهم صفحات القلوب نعيش الحياة سويا بكل معانيها، كنت أظن أن حياتي ستكون هكذا لكن للأسف عُجت صفحاتها بكلمات ليست كلماتي وبأهداف فُرضت عليّ فرضا، الحياة أقلتني قطار غير قطاري حتى أصبحت غريب لا أفهم معنى الحديث الذي يدور حولي، الحزن خيم على حياتي أصبحت الدموع لا تفارقني، كل شيء غيرته الأهداف التي لا تنتهي وقضت على العمر الذي ابكي عليه الآن لكن بماذا ينفع ؟ وهل سيُعيد لي سعادتي؟ ضاع العمر ولم انتبه لذلك لقد ابيض شعر الرأس وحني ظهري، ما عدت أستطيع أن أداعب ابني لقد ضاع معنى الأبوة مني، لقد صرت غريب بين أهلي لا أحد يعرفني، يبدو أن حياتي كلها غربة عن الأوطان عن الحب عن الإحساس عن شعوري بنفسي، سأمت دون أن أعيش رغم عمري وسني المشيب، سأذهب عن الدنيا دون فرحة حقيقية تدخل قلبي، حتى عندما أحببت في حياتي نزعت الدنيا حروف الحب بعدما أسقطت نقاطها، يبدو أن البكاء أصبح شيء مني يلازمني في كل وقت لا يتركني، قد ضاع الوقت وضاع العمر وضاع الحب وضاع إحساسي ضاع كل شيء جميل، اصبح العمر المتبقي تحصيل حاصل ليس له أي معنى، أصبحت عالة على الجميع حتى صرت أيضا عالة على نفسي، حسبي الله في الأهداف التي أضاعتني وأضاعت كل الحياة مني، وحسبي على نفسي أنني صرت أسير لرغباتي وشهوتي التي كانت لا تنتهي، هل ما جمعت يساوي لحظة سعادة في عمري؟ لا بد أن أعترف أن حتى أحساس الولد الذي من صلبي أصبح معدوم تماما وانه فقط يهتم بما جمعت له من عمري، لا عزاء لي قد ضاع العمر ومعه النفس !
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!