ظلم الإنسان!


يأتي وقت على أي أنسان يحتاج فيه إلى من يثق به ويفتح له قلبه ليقرأ كل ما فيه، ويقدم له المشورة التي على أساسها يتضح كل ما هو في القلب وتُفك رموزه وتُعرف المشاكل وما هي الأسباب، ويمحو معه الهموم التي هي رواسب وقت طويل لم يجد فيه من يستشيره أو من يفضفض له ويستريح من ذاك الحمل الكبير، الذي ظل يكتوي بناره ونار الظلم الذي لا رحمة فيه ويرى بعينيه وهو يدمر المشاعر ويحرق الأحاسيس دون أي دفاع، يحرق الأمل الذي يتمسك به كل مؤتلم على أن يعود الظالم عن ظلمه ويروي حياة من كان سببا في حرمانه يرويه عشقا وحبا حتى تعود مرة أخرى له بهجة الدنيا التي افتقدها، بعدما كان يتلذذ وهو يقطع أواصر الود التي أرتوت من دمه وضاع فيها عمره، بعدما كان يدمر كل طريق ممهد يوصل إلى النجاة وإلى السعادة وإلى الحياة الجميلة التي ينشدها كل قلب، ويغلق كل نافذة يشم منها نسمة هواء لانتشال الجسد الذي طال في الرقاد من كبوته، وياليته كان يكتفي بذلك كله بل اجتث جميع الأشجار من جزورها حتى لا يستظل بها ولا يأكل من ثمره ويخور هذا الجسد وينهار، إن تراكم الهموم شيء صعب على النفس ويجعلها تختفي تحت ركامها كمنظر جميل أخفاه التراب، ويحاول هذا المسكين أن ينتفض وينثر هذا التراب عن نفسه، فيبحث على إنسان يحنو عليه ويأخذه في أحضانه ويسمع منه وينصت إليه جيدا مهما قال، يحتمله ويصبر عليه ويغفر له الزلات ويدرك ما به أنه تزول منه الجبال، يخرج منه كلمات حارقة لا يتحملها أحد إلا من كان له قلب مليء بالحب والود يشبه قلوب الملائكة وليس قلب إنسان، تلك الكلمات ركام سنوات وسنوات وهي تغلي وتتقلب في القلب كالبركان ينتظر من يفجره كي يستربح هذا الإنسان من ظلم بني جلدته الإنسان، الذي لا يوجد عنده شفقة ولا إحسان ولا إخلاص ويعامل الناس كسجان، يجعل مفتاح السجن في يده يخرج سجينه وقتما يريد ويجعله إلى نهاية العمر وقتما يريد خلف القضبان، لماذا يحدث هذا من الإنسان؟ ولكن الخوف كل الخوف أن يأتي من يفضفض له شيطان، ويزيد الجرح جرحا وتزيد العثرات لا ينفع معها جبر بعدما بترت ساق الحياة وانتشر في الجسد اليأس وكُتب أمام عينيه حكم أن يُعدم ذلك المسكين نتيجة، وتطوى صحائفه مكتوب على غلافها هذا ضحية بني جلدته إنه الإنسان!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!