أبي روحه ما زالت في البيت !!!


طافت روحك في البيت وهي تناديني بالاسم الذي كنت أحب أن اسمعه منك دائما، فأذهب إلى غرفتك وأنظر فيها فلم أجد إلا السرير الذي كنت تنام عليه، ثم نظرت هنا وهناك خلسة فوجدت الكتاب الذي كنت تقرأ فيه مازال مفتوح على الصفحة التي تركته عليها فأومأت برأسي فقبلته فشممت عبق يدك عندما كانت تمسكه، آثار يدك مازالت عالقة به وصورة عينيك تعكسها صفحات الكتاب ونظارة القراءة ملقاه فوقه، تركت كل شيء كي يكون ذكرة خالدة في نفسي وعندما أحتاج إليك أدخل وأنظر إلى ما كنت تنظر إليه والمس بيدي ما كنت تلمسه حتى أشعر دائما إنك ما ذلت معي، ثم نظرت بجوار الكتاب فوجدت القلم مُلقى على دفتر فيه آثار كلمات كثيرة طمسها حبره وهي بالطبيعة عادة الكتاب والأدباء تخرج الكلمات الرائعة من وسط هذه الأشياء، فرفعت يدي وهي ترجف وقلبت الأوراق فوجدت قصيدة جميلة لها معنى إنك قاربت على الرحيل وكأنك كنت تدري أنك ستتركني ولكنك أخفيت ذلك بين كلمات قصيدتك، فبكيت وقُلت يرحمك الله لو كنت قُلت لي ما كنت جعلتك لحظة تفارق عينك فيها عيني، كنت حاولت أن أتعلم منك إلى آخر لحظة في حياتك، كنت نمت تحت قدميك وقبلتها وأحمل التراب الذي كنت تسعى عليه ليكون ذكرى، لكنك باغتني يا أبي ورحلت عني تارك نفسي تعنفني عن فترات التقصير في حقك نعم ستظل نفسي تؤلمني، قد فارقتني وأنا محتاج إليك، محتاج إليك دليل وقائد محتاج إليك مهدهد بيدك على ظهري، محتاج إلى بسمة منك تروي ظمأ حياتي، محتاج إليك تنسيني هموم الدنيا والعمل،  هممت إلى الخروج لأنني لن أحتمل هذا المنظر  فوقعت عيني على كلمات أخرى رقيقة المعنى تهز وجدان كل من يقرأها فقرأتها، فبكيت وخرجت مسرعا إلى خارج الغرفة ملتحفا أحزاني وتكويني دموعي على انقطاع السحاب الذي يحمل هذا الخير وهذه المعاني الجميلة انقطعت زخات المطر، فقُلت أه على فراق أعز الناس على قلبي وظللت أبكي، وذهبت مسرعا إلى غرفتي لألقي بجسدي المتهالك على سريري فسمعت مرة أخرى صوت أبي فهممت مسرعا وقلت لمن في البيت هل تسمعون صوتا إنه صوت أبي؟ لا تقولوا لا لن نسمع ولا تنفون كلامي، اسمعوا اسمعوا انه هو، فبكى كل من في البيت  مع محاولة تهدئتي لكن أبا الصوت أن يفارق أذني، وحديث يخرج من قلبي أعزي به نفسي حتى اقنعها بما حدث وأحتسبه عند الله .
 أبي يا من كنت أذهب إليه وأحكي له عن همومي وأحزاني وما ألقاه في يومي، كنت صديقا وزميلا وأخا وفوق كل ذلك كنت أب حنون يحنو علي ظله يوم يشتد حرارة الدنيا وتكون حضن دافئ في بردها، كنت مصفاة لكل هم وغم وأي شائبة تريد أن تتسلل إلى نفسي، رحلت ورحلت معك كل المعاني والحب والود والحنان، فهل تعتقد أنني أستطيع الصبر في بيت تطوف به روحك؟ لا والله لن استطيع ذلك سأرحل منه ولم أكمل فيه حياتي، عسى أن يكون هدنة لي إلى أن تلتقي أرواحنا في جنات الفردوس العلا، لقد تركتموني أنت وأمي وحيدا بين طيات الرحى التي كل يوم تطحنني دون هوادة، سلاما عليك وعليها ودمتم في رضا الرحمن ،وأسأل الله أن يلهمني الصبر على الفراق وأن يرحم ضعفي وقلة حيلتي، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عن أي إساءة  من أمي وأبي!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!