القدر!!!


أخشى القدر ألا يُمهلني إلى أن ألقاك يا حبيبي، وتضيع تلك البسمة التي كانت ونيسي في غربتي، وتذوب صورتك التي رسمتها لك في مخيلتي، تذوب وتنتهي بعدما كانت لا تُفارق عيني لحظة واحدة، أخشى أن تضيع الذكريات والآمال معها ويضيع الشوق إلى عينيك والنظر إليها وتتلاشى تلك اللحظة عندما كنت أجلس أمامها أسمع أحلى همس من تلك الرموش وهي تغني لحن الحب الذي كتبته قلوبنا، عندما كانت تردد جوارحي وجوارحك خلفها ويفوح عطر سعادتنا كي يسعد كل من يسمعنا ويُدخل السرور على قلوبهم، وتطير ذرات حُبنا تُلقح تلك القلوب العاجزة عن الحب فتنبت وتخضر أرضها بعدما كانت صحراء مكفهر لونها لا يسكنها إلا الأحقاد، تأتي كي تستمد حياة الحب منا وترتوي من قلبينا ويذهب عنهم ظمأ السنين ويحيا أملهم في الحياة مرة أخرى، وتأتي طيور السلام والحب بأغصان الزيتون والورود تهديها إلينا، وتنفجر ينابيع الحب في زمن قد ضاع فيه ذلك الحب الصافي فيعود ويملأ دنياها من جديد وينبت الأمل فيها وتعود البسمة بعدما هجرتهم طويلا وضاع الأمل إلى لقياها، يبدو يا حبيبي أن القدر لا يعطينا هذه الفرصة، ستسألني لماذا أقول هذا؟ أقل لأنني أشعر بدفيء هذا الإحساس وهو يتسلل إلى نفسي أنني لم ألقاك ولم أرى مرة أخرى ابتسامتك، أرى أوراق عمري تتساقط ما بقي منها إلا قليل، حبيبي أشعر بأنني سأحرم منك و أحرم شربة من ودك وسماحة نور طلة وجهك البهية ، أشعر أن الغربة ظلمتنا في المحيا والممات وكتبت علينا هذا الحرمان، قد كنت أحيا على أمل أن تُمهد لنا جسور المودة كي نعبر بها هذا العذاب الذي لاقيناه في غربتنا، كنت لا أشك ذات يوم أنني لا ألقاك ولا يحضن قلبي قلبك، بل كنت على يقين أننا سنكون سويا حتى لو طالت الأيام ومهما كان مرها وقسوتها وجبروت سوطها الذي كنت أُجلد به كل لحظة وأنا بعيد عنك، لكن يا حبيبي يبدو أن هذا الأمل لم أكن أنا المقصود به، يبدو أنه أفل من حياتي فلم أعد أرى نوره وانقطع بعد أن كان لا يفارقني، يبدو أن هذه المرارة التي عشت بها وحييتها أنني أيضا سأموت بها وهي تُغلف جسدي وتُسلمني إلى دود القبر ليأكلني ولو كان يعرف هذا الدود ما بي ما أقترب مني ولا فكر أن يأكلني، يبدو إنه لا حظ له مثلي بعدما تجرع سموم الهم والفراق من جسدي، و لو كنت استطيع الحديث لقلت له أيها الدود مالك ومالي اذهب لغيري واتركني.
حبيبي إذا تحقق ما أقول فتذكر إنني أحببتك من قلب خلى منه كل شيء إلا حب الله ثم حبك، تأكد أن قلبي كان ينبض باسمك، لا يسمع إلا صوتك، لا يرى إلا وجهك، تذكرني ولا تنساني يكفيني ظلم الحياة في غربتي، يكفيني إنني حُرِمْتَ منك وحُرِمْتَ لمسة يداك وحُرِمْتَ جوارك وحَرَمْتَ عيني منك، فلا تجعل يا حبيبي أتجرع الحرمان مرتين، مرة عندما بعدت عنك ومرة أخرى بعدما فاضت روحي، أعترف أن الأولى بيدي لكن الأخرى ليست بيدي، تعرف يا حبيبي ما الذي أطمح له الآن؟ أطمح أن تسامحني على البعدين الذي كان بيدي والذي كان ليس بيدي، سامحني على أنني قد حرمتك مني، وحرمتك من جمال الحياة، وحرمتك من سعادة اللقاء، وحرمتك من ونس الحبيب وظله في حر الدنيا وصعابها، أعذرني على أنني تركتك وحدك في وسط الصخور القاسية تدمي قدميك، أعذرني على أنانيتي وترك قلبك ينزف ولم أحاول أن أداويه، اعذرني بعدما حرمتك كثيرا من طعم شربة زُلال من فمي وفمك عندما كنا نقتسمها سويا وكنت أجعلك تشرب أولا ثم بعدما ترتوي آخذ ما تبقى منك وأشربه حتى أداوي أسقامي، اعذرني أنني حرمتك من أكلة نأكلها سويا، أعذريني أنني حرمتك من تلك اللحظة التي تنتظرها وهي لحظة الجلوس سويا نتذكر الماضي تحت ضي القمر، أعذرني حبيبي فكنت لا اعرف أن القدر يخبئ لنا هذا المصير، كنت أظن أننا سنلتقي وتعود الأيام الجميلة بيننا وتذوب تلك اللحظات الصعبة بمجرد أن تتعانق أيدينا وعيوننا ونتبادل تحميد السفر، وأسعد بتلك اللحظة التي أقدم لك فيها هديتي التي اشتريتها ووضعتها في حقيبتي وكل يوم أنظر لها وأقبلها وأطيبها وأدعو أن تمر هذه الأيام بسرعة حتى ألقاك وأرى سعادتك بها وفرحتك بعودتي، لكن يبدو أن كل شيء سينتهي قبل أن نلتقي، ستموت معي فرحتي، ستموت معي ذكرياتي، ستموت معي دمعتي، ستموت معي سعادتي، ستموت معي هديتي، كل هذا يهون لكن الذي لا يهون عليّ هو أنني أموت قبل أن أرى وجهك، أرى بسمتك، أرى فمك عندما تتحرك شفتيها وتقول حبيبي بحبك حمدا لله على سلامتك، أه ثم أه بل الف أه على حسرتي بعدما لعب القدر لعبته، هل تعرف ماذا يحدث الآن يا حبيبي وانا اكتب تلك الكلمات نزلت دموع عيني وبللت جسدي وتسللت إلى فمي فذُقت مرارتها، قد تذوقت المرارة إحساسا وطعما يبدو أنها لا تريد أن تفارقني حتى تُجرع جوارحي الألم وقساوته، أعذرني حبيبي ويكفي ما كتبت وقولت، يكفي هذا فقلبي انفطر وما عدت استطيع أن أكمل ما عدت أتحمل الكلام، الآن أقول لك الوداع الوداع يا حبيبي، الوداع يا روح قلبي، الوداع يا كل حياتي، إن شاء الله في الجنة نلتقي لا نسمع فيها لاغية، جنة ليس فيها فراق ولا غربة، جنة نتكئ فيها على الأرائك، حبيبي إلى أن يأتي هذا الوقت لا تنسى أن تدعو لي وتتصدق علي وأن تغفر لي زلاتي وتتجاوز عن كل شيء بدر مني وأساء إليك، أرجوك ألا تتذكر لي لحظة أغضبتك فيها ولا لحظة بعدت عنك وكنت سببا في عذابك، لا تتذكر لحظة أغمضت فيها عيني ولم تراك وحرمتها منك كذلك أيضا حرمت عينيك أن تراني وتكتحل بصورتي، أرجوك أن تتذكر فقط إنني كنت أحبك والله كنت أحبك بل كنت أعشقك كنت ولازلت أحبك حتى بعدما أكون تحت التراب وحدي، صحيح أن كل شيء مات لكن يا حبيبي لم تموت روحي ومازالت تطوف بروحك.
معذرة يا حبيبي لك من قلبي الذي أحبك فتقبل معذرتي.
أن ما حدث هو لعبة الأقدار والقدر ليس بأيدينا ولا نملكه، والله لو كنت أملكه لكنت أجلت الموت حتى ألقاك وأسعد برؤياك، لكن علينا أن نقول لله ما أخذ ولله ما أعطى، أرجوك لا تنسي حبي، لا تنسى ودي، لا تنسى لحظة سعيدة عشتها معي، لا تنسى رحمة على روحي ودعوة ترسلها لي بصلاتك في جوف الليل تخفف عني، أحبك أحبك أحبك، حفظك الله من كل سوء وسدد خطاك لكل خير ومتعك بالدنيا وألهمك الصبر والسلوان، سلاما وفي الجنة نلتقي!
محمد كامل العيادي
Alayadi_2100@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كم احتجت إليك اليوم يا أمي

أغار عليك!

يا الله رفعت اليك يدي !!!